برزت في السنوات الأخيرة قضية صحة المرأة كأحد الملفات الأكثر إلحاحا، ليس في النقاشات الطبية فحسب، وإنما في عالم الاقتصاد أيضا، بعدما كشفت القيادات الصحية العالمية عن فجوة عميقة في الاهتمام والتمثيل داخل أنظمة الرعاية والبحث العلمي.
شخصيات من مؤسسات بارزة مثل "ديلويت" (Deloitte) و"أكاديا للأدوية" (Acadia Pharmaceuticals) ومؤسسة "سوزان جي كومن" و"كلية أليس إل. والتون للطب" أكدت خلال قمة "فورتشن لأقوى النساء" أن صحة المرأة ليست قطاعا فرعيا، بل هي جوهر صحة الإنسان وأساس للتنمية الاقتصادية.
الدكتورة كوليني جبريس من شركة "ديلويت" اعتبرت تجاهل قطاع صحة المرأة "ثغرة اقتصادية، مشيرة إلى أنه بينما تمثل النساء أكثر من نصف سكان العالم، فإن صحة المرأة لا تشكل سوقا متخصصة.
"عملة جديدة" عنوانها الثقة
توضح جبريس إلى أنه بينما تستخدم النساء الأجهزة الذكية بنسبة 60%، فإن أقل من 20% من المنصات الرقمية الصحية مصممة خصيصا لتلبية احتياجاتهن.
بينما أصبحت البيانات تشكل البنية التحتية الجديدة في الطب، حيث لم تعد تقتصر على كونها مصدر معلومات أو سجل صحي إلكتروني، ترى أن الثقة في هذه البنية التحتية "هي العملة الجديدة" في عالم الاقتصاد المرتبط بصحة المرأة.
تضيف كاثرين أوين آدامز، الرئيسة التنفيذية لشركة "أكاديا فارماسوتيكالز"، بعدا آخر لهذه الثغرة الاقتصادية، حيث تشير إلى أن النساء ما زلن مهمشات في تطوير الأدوية.
وتقول: "إن 60% من مرضى ألزهايمر نساء، وواحدة من كل 5 نساء يعانين اضطراب قلق أو اكتئاب سنويا. مع ذلك، فإن أقل من 30% من التجارب السريرية تركز على النساء"، وفقا لما نقلته مجلة "فورتشن".
مساع لتجسير الهوّة
في المقابل، تعمل مؤسسات، مثل منظمة "سوزان جي كومن" لمكافحة سرطان الثدي، على تضييق هذه الفجوة، عبر تمويل الأبحاث.
الرئيسة السابقة للمنظمة بولا شنايدر أشادت بجهود الباحثة ريجينا برزيلاي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لقراءة صور الأشعة واكتشاف 20% من حالات السرطان التي قد يغفلها الأطباء، ما قد يغيّر جذريًا نتائج علاج سرطان الثدي عبر الكشف المبكر في مراحله الأولى.
أما الدكتورة شارميلا مخيجا، عميدة "مدرسة أليس إل. والتو للطب"، فتقود جيلا جديدا من الأطباء القادرين على الموازنة بين الابتكار والرعاية الصحية والإنسانية.
وتقول: "نريد من الطلاب الاستماع إلى ما يقوله المريض ومعالجته. ليس سؤاله عن مشكلته فقط، بل ما الذي يريده ايضا؟"
في ختام قمة فورتشن، دعت المتحدثات إلى إعادة صياغة مفهوم الصحة، حيث أكدن على أن تمكين المرأة في البحث والقيادة والابتكار الطبي ليس مجرد قضية عدالة اجتماعية، بل ضرورة اقتصادية وصحية لمستقبل أكثر استدامة وشمولًا.

