default Author

الخفاش ينقذ البشر

|


بوجهه القميء وعينيه اللامعتين وعباءته التي يلتحفها ليبدو في هيئته كأحد الأباطرة الأشرار، يبث الرعب في النفوس ولا نعلم ما الذي يخبئه هذا المظهر خلفه، هل هو شر محض أم هناك رحمة تحت جناحيه وخلف نظراته التائهة؟
هناك 1300 نوع من الخفافيش تعيش في جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية. ومقارنة بالحيوانات الأرضية، تتميز الخفافيش بقدرتها على الطيران وطول أعمارها وتكتظ الكهوف بالملايين منها، ما يعني أنها تعيش في بيئة ملائمة لنمو وانتقال الفيروسات والجراثيم بين الخفافيش أنفسها أو بين الخفاش وباقي الكائنات عن طريق العض المباشر أو الأكل وملامسة حيوانات مصابة بالعدوى كما حدث في مرض "إيبولا"!
ومن المعروف أن الخفافيش تعد حاضنة طبيعية لأكثر من 100 نوع من الفيروسات القاتلة، خصوصا للبشر منها متلازمة الشرق الأوسط التنفسية "سارس"، "الإيبولا"، فيروس "هيندرا"، وداء الكلب. ورغم ذلك ومن عجائب خلقها أنها لا تبدو عليها أي أعراض مرضية نتيجة حملها كل هذه الفيروسات ما عدا داء الكلب، ويعود السبب إلى قوة جهازها المناعي الذي يعمل بشكل مستمر خلافا للبشر. هذا الاكتشاف يمنح الأمل لإمكانية علاج ومنع حدوث كثير من الأمراض القاتلة!
عند تعرض أجسامنا للجراثيم أو الفيروسات تقوم أجسامنا بسلسلة من التفاعلات المناعية الطبيعية المعقدة في الساعات الأولى من الإصابة بالعامل المسبب للمرض، وعند مقارنة ما يحدث في أجسادنا بما يحدث في جسم الخفاش، وجد العلماء شيئا غريبا للغاية، لقد وجدوا أن أجساد الخفافيش تملك ثلاثة من الإنترفيرونات فقط وهي مواد بروتينية تنتجها خلايا الجسم المختلفة لدى الكائنات الحية عند تعرضها للفيروسات كردة فعل طبيعية، وهذا ربع العدد الموجود لدى البشر ومع ذلك تستطيع مقاومة الفيروسات القاتلة وحماية نفسها!
حيث تكون هذه المواد متأهبة ونشطة لدى الخفافيش على مدار الساعة كخط دفاع أول ضد أي هجوم فيروسي حتى قبل حدوثه في تناغم تام، عكس البشر والفئران وباقي الثدييات التي تنشط مناعتها بعد الإصابة. كما أن التفعيل المستمر للمناعة الفطرية لديهم قد يكون ضارا بالخلايا والأنسجة السليمة!
ورغم الاتهام المستمر لذلك الكائن الصغير بتسببه في الأمراض القاتلة ونقلها إلى البشر وآخرها فيروس كورونا الصيني، يحاول العلماء الاستفادة من قدرات الخفاش المناعية ومحاكاة جهازه المناعي بإعادة توجيه وبرمجة الأجهزة المناعية لدى الكائنات الأخرى ومنها البشر لتعمل بطريقة مشابهة لتلك الموجودة لدى الخفافيش، للحد من انتشار الأمراض وتقليل عدد الوفيات بسبب العدوى الفيروسية القاتلة!

إنشرها