أخبار اقتصادية- عالمية

"دافوس" يكتسي باللون الأخضر .. موجة الدفاع عن المناخ تغمر الشركات العالمية

"دافوس" يكتسي باللون الأخضر .. موجة الدفاع عن المناخ تغمر الشركات العالمية

يبدو أن جميع أضواء الإشارات في منتدى دافوس العالمي للاقتصاد أصبحت مضبوطة على اللون الأخضر، حيث تعتزم النخبة العالمية للاقتصاد الدفع مستقبلا باتجاه حماية المناخ.
وبحسب "الألمانية"، فإنه لا يكاد يكون هناك رئيس شركة كبيرة حضر المنتدى إلا وظهر وكأنه داعم للنظرة التقدمية إزاء المناخ، ولا مدير شركة، إلا وأبرز خلال مشاركته في المنتدى فرص النماذج الاستثمارية الصديقة للبيئة.
وتعهد أكثر من 140 رئيس شركة كبيرة في مبادرة للمنتدى، بالاتفاق على مقياس موحد للاستثمارات في أشكال الاستثمار المستديم.
وستشارك الشركات الأربع الكبرى للمحاسبة والمراجعة الاقتصادية، وهي شركة ديلويت وشركة EY وشركة KPMG، وشركة PwC في هذه المبادرة.
وقال بريان موينيهان رئيس المصرف الأمريكي "بنك أوف أمريكا": "نريد كرؤساء شركات أن نوفر قيما بعيدة المدى لمساهمينا، وذلك من خلال توفير عائدات مستقرة وتوفير نموذج استثماري مستديم، يخاطب أهدافا مجتمعية بعيدة المدى".
وتعتزم شركة بلاك روك، أكبر مدير للأصول في العالم، التي لها أسهم في نحو 2500 شركة، حث هذه الشركات على إعطاء الأولوية للاستثمارات الخضراء.
وأوضح فيليب هيلدبراند نائب رئيس الشركة، في تصريح للقناة الأولى بالتلفزيون الألماني: "نريد أن نؤكد أن المخاطر المناخية هي أيضا مخاطر استثمارية".
وأشار هيلدبراند إلى أن الكوارث الطبيعية تمثل هي الأخرى خطرا على الاستثمار، وهو ما يجعل الشركات تعدل نماذجها الاستثمارية.
ويبدو الأمر تماما، وكأن النخبة الاقتصادية المجتمعة في دافوس استبقت تدخلا أكبر من جانب صناع القرار السياسي.
وحسب ريتش نوزوم، رئيس استشاري الاستثمار لكبار العملاء لدى شركة ميرسر للخدمات الاستشارية، فإن الاستثمارات في الفحم والنفط والأسلحة والتبغ أصبحت مكروهة بالنسبة لكثيرين، رغم احتمال ارتفاع عائداتها، "حيث أصبحنا نرى هذا الضغط على مستوى العالم".
ويؤكد مارك هيفيل، مدير إدارة الثروات العالمية لدى مجموعة "يو بي إس" أن العقوبات، التي تتعرض لها الشركات تنعكس بسبب سلوكياتها الخاطئة، بشكل مباشر على قيمة الشركة.
أما أوليفر بيته، رئيس شركة أليانس الألمانية للتأمين، فيرى أن "هذه هي المرة الأولى، التي يأخذ فيها الاقتصاد بزمام المبادرة، في حين تحبو الحكومات وراءه"، مضيفا: "نحن نناقش دائما خططا للتخلي عن الفحم، ولكننا نناقش موعد الخروج فقط وليس الخطوات الضرورية الواجب اتخاذها".
ويشير بيته، الذي تقول شركته إنها أكبر مستثمر مؤسسي على مستوى أوروبا في أسواق المال، إلى أن الحكومات مقصرة فيما يتعلق بحماية المناخ.
وبحسب أورزولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، فإن 44 من أكبر المستثمرين الأوروبيين طالبوا الاتحاد الأوروبي أخيرا بجعل حماية المناخ قانونا، مؤكدة أن هؤلاء المستثمرين مسؤولون عن استثمارات تقدر بنحو ستة تريليونات يورو، "وهم يريدون هذا القانون، ويقولون إنه يعطيهم الثقة والأمان القانوني اللذين تحتاجهما هذه الشركات للاستثمارات بعيدة المدى".
ولكن لا يزال هناك بالطبع، حسب منتقدين معاملة تميزية، حيث لا تكل جريتا تونبرج الناشطة السويدية، من التأكيد على أن ما يحدث لمنع وقوع كارثة مناخية، قليل جدا، كما قامت ناشطة المناخ السويدية بتقريع أصحاب السلطة والأثرياء، خلال منتدى دافوس أيضا.
ووفقا للدراسة، قامت بها منظمة السلام الأخضر "جرينبيس"، فإن البنوك استثمرت منذ اتفاقية باريس لحماية المناخ، التي وقعت 2015، نحو 1.4 مليار دولار في مصادر الطاقة التقليدية، مثل النفط والفحم والغاز.
ومع ذلك، تعتقد جنيفر مورجان رئيسة جرينبيس، أن المسؤولية هنا تقع على عاتق الحكومات، قائلة: "إنها حقا السياسة هي التي تصدنا".
ورأت مورجان أن على الحكام أن يجلسوا مع الخبراء والمجتمع المدني لمعرفة ما يجب فعله.
وصدرت عن الشركات تعليقات، منها ما هو أكثر حدة بشكل واضح، فهذا مارك بينيوف، رئيس شركة سيلزفورس الأمريكية العملاقة للبرامج الحاسوبية يقول: "الرأسمالية التي نعرفها ماتت"، مضيفا: "لقد أدى الهوس بتحقيق أقصى درجة ممكنة من الأرباح بالنسبة للمساهمين وحدهم، إلى عدم تكافؤ يشبه حالة طوارئ عالمية".
كما تبنى أندريه هوفمان، نائب رئيس شركة روش السويسرية للعقاقير، رأيا مشابها، حيث ذكر أن "الرأسمالية فشلت لأنها تركز على المنفعة والنجاح قصيري المدى"، مشيرا إلى ضرورة ألا تقاس الشركات بقوتها المالية فقط، بل بمدى استفادتها من مواردها من أجل المصلحة العامة".
ويرى خبراء اقتصاديون أن التوجه نحو الاستدامة يمكن أن ينطوي على فرصة كبيرة بالنسبة لشركات أوروبية.
وأوضح فرانك ريمنشبرجر، رئيس الفرع الألماني لشركة أكسنتشر للخدمات الاستشارية، أن الاستدامة لا تضع النماذج الاستثمارية تحت ضغط بالضرورة، "بل على العكس من ذلك، فإن الاستدامة تمثل إحدى أعظم إمكاناتنا".
إلى ذلك، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خلال المنتدى إنه يجب على ناشطة المناخ جريتا تونبرج أن تركز انتباهها على الدول، التي تلوث البيئة حقا، وليس على الولايات المتحدة.
وأضاف ترمب في مؤتمر صحافي في ختام مشاركته في القمة السنوية بمدينة دافوس في سويسرا: "أعتقد أنه يجب أن تبدأ جريتا العمل بشأن تلك الدول الأخرى".
وعند سؤاله حول ما إذا كان يعتقد أن هناك "أكذوبة" تتعلق بالمناخ، قال ترمب إن "بعض الجوانب هي كذلك"، مضيفا أنه كان يود مقابلة زميلته في المنتدى الاقتصادي العالمي تونبرج في دافوس.
وتابع ترمب: "لقد أطاحت بي في مجلة التايم"، في إشارة إلى أن تونبرج حصلت على لقب مجلة التايم الأمريكية "شخصية العام" في 2019.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية