Author

«الإسكان» وتحديات تحقيق مستهدفات «الرؤية»

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


في لقاء مفتوح دعت إليه وزارة الإسكان للاحتفال بإنجازاتها للعام المنصرم، ولعرض خططها في المستقبل، وتم توقيع مجموعة من الاتفاقيات لتطوير البنية التحتية في مجموعة من المناطق، احتفلت الوزارة بخدمة ما لا يقل عن 300 ألف مستفيد، بما يزيد على مستهدفات الوزارة، بل حتى توقعاتها للعام الماضي 2019، ما جعل مسألة تحقيق إنجازات أكبر، أمرا أصبح تحديا كبيرا للوزارة نظرا إلى ضخامة هذا العدد، كما أن الذين سكنوا منازلهم فعليا، وهو الأهم، بلغوا نحو 110 آلاف مستفيد استلموا منازلهم فعليا، إضافة إلى حرص الوزارة ليس فقط على حصول المواطن على سكنه، بل اهتمت بجانب جودة البناء والحياة، حيث يكون هناك عمل على تصميم أحياء نموذجية تقدم خدمات متعددة للمستفيدين زيادة على السكن ذاته.
قطاع الإسكان لا شك أنه قطاع مهم وحيوي، وهو قطاع لا يخدم المستفيدين فقط، بل يخدم الأنشطة الاقتصادية المتعددة في البلاد، حيث إن كثيرا من الأنشطة الاقتصادية تستفيد من النمو الكبير في قطاع الإسكان، ما يكون له أثر في وفرة الوظائف والنمو في النشاط الاقتصادي بما ينعكس ذلك في الناتج المحلي، فكثير من الأنشطة داخل المملكة تتأثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة بنشاط البناء، خصوصا القطاع السكني.
لعل أحد أهم أسباب ما تحقق من إنجازات، الدعم الحكومي الكبير لقطاع الإسكان، حيث جعل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - حفظهما الله - دعم قطاع الإسكان وتخفيض نسبة غير المتملكين للسكن في المملكة، أهمية قصوى، رغم التحديات الكبيرة بسبب النمو في عدد السكان والزيادة المستمرة في أعداد الأسر كل عام، وأن نسبة الشباب من إجمالي عدد السكان تمثل نسبة كبيرة، وهذا من شأنه أن يزيد حجم التحديات التي تواجه وزارة الإسكان لتحقيق أهدافها لعام 2030. ومن أسباب تحقيق هذا الإنجاز، إعادة هيكلة الوزارة لدورها فيما يتعلق بتوفير السكن للمواطنين، حيث كانت داعما للقطاع الخاص وقطاع التمويل لتمكينه من تقديم نماذج متنوعة تناسب المستفيدين، وذلك بدلا من أن تكون من يباشر مسألة البناء وتوزيع الوحدات السكنية، إضافة إلى التمويل المباشر للمستفيدين. كما أن الوزارة دعمت تطوير تقنيات البناء بما يزيد سرعة إنشاء المشاريع السكنية ويعزز جودتها.
في الفترة الماضية، كان هناك نقاش حول موضوعات تتعلق بالإسكان، منها عدم قبول البعض للمنتجات السكنية التي تقدمها أو ترشحها وزارة الإسكان له، أملا في خيارات أفضل، أو لأنها لا تناسبه مطلقا، والأمر الآخر: يتحدث البعض عن أن حجم التمويل الضخم الذي يقدمه قطاع الإسكان كان له دور في استمرار حالة الغلاء في أسعار الأراضي السكنية والوحدات العقارية في المدن الرئيسة رغم فرض الرسوم على الأراضي غير المطورة في المناطق السكنية، كما أن في المقابل ونظرا إلى وفرة الخيارات التي تقدمها الوزارة بدأ البعض في المطالبة بدعم المواطنين العزاب وليس الأسر فقط، وهنا تأتي أهمية عدم صرف وزارة الإسكان عن أهدافها للمستقبل، خصوصا في عام 2030، إذ إنها ما دامت حققت المستهدفات خلال مرحلة التحول الوطني 2020، فمن المهم من خلال تقييم التجربة أن يكون هناك عمل وتركيز على ما يمكن أن يحقق لها استدامة في تحقيق أهدافها التي تركز على أن تكون نسبة تملك الأسر 70 في المائة أو حتى أكثر في عام 2030، مع الاهتمام بتعزيز جودة الحياة في المناطق السكنية التي تدعم الوزارة السكن فيها، وأن تأخذ في الحسبان أن حالة الرخاء التي تشهدها اليوم، لا بد أن تتحول معها إلى برنامج استدامة يخفف الاعتماد على الدعم الحكومي والاستفادة من مصادر متعددة لتعزيز تحقيق النتائج المأمولة، كما أن من المهم العمل على إيجاد خيارات للأفراد الذين لا توجد لديهم ضمانات، مثل بعض شباب الأعمال الذين يعدون في مراحل غير قادرين خلالها على تقديم ضمانات للسداد، بأن تكون هناك خطط سداد مختلفة نوعا ما عن موظفي القطاعات الحكومية والخاصة أو رجال الأعمال الذين حققوا نوعا من الاستقرار في أنشطتهم التجارية.
الخلاصة: الإنجازات التي حققتها وزارة الإسكان كبيرة عطفا على ما هو متوقع، ومن المهم في المرحلة المقبلة التركيز على أهدافها بزيادة نسبة تملك السكن بين المواطنين إلى النسبة المستهدفة عام 2030، إضافة إلى الاهتمام بأن تعزز هذه النماذج التي تقدمها من جودة الحياة في المجتمع، وأهمية العمل على تنويع مواردها بما يحقق لها الاستدامة في برامجها مستقبلا.

إنشرها