Author

السعودية .. والقدرة على صناعة السلام

|

عرفت بلادنا من عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز –رحمه الله– بالقدرة على صناعة السلام بين الدول وبين مكونات الدولة الواحدة في بعض الأحيان، ولعل اتفاق الطائف بين الأطراف اللبنانية الموقع في عام 1989، واتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي في اليمن الذي وُقع الأسبوع الماضي، خير دليل على ذلك.. وكما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في كلمته عند توقيع الاتفاق، "كل يوم يجتمع فيه اليمنيون هو يوم فرح للمملكة التي كانت منذ عهد المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- دوما مع اليمن حريصة على استقراره وساعية إلى ازدهاره وواثقة بأن حكومة أبناء شعبه تسمو على كل التحديات"، وأشار أيضا إلى أن الملك سلمان بن عبدالعزيز، أصدر توجيهاته للمسؤولين في المملكة ببذل الجهود من أجل رأب الصدع بين الأشقاء في اليمن، وهنا نتذكر اهتمام الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله– بإتمام اتفاق الطائف، وفرح الأمير سعود الفيصل؛ وزير الخارجية آنذاك، "بعد التوقيع على الاتفاق"، كما ورد في كتاب الدبلوماسي السعودي الدكتور نزار عبيد مدني؛ الذي تحدث فيه عن وقائع "المباحثات الشاقة للوصول إلى نتائج إيجابية".
والملاحظ في المثالين أعلاه، أن السعودية تضع ثقلها لتحقيق أي هدف يجمع الفرقاء في أي خلاف ترى أنه يؤثر في قوة الصف العربي، ويمكّن الأعداء من تحقيق أهدافهم.. ولو أردنا حصر العوامل التي تجعل السعودية أكثر قدرة من غيرها على صنع السلام لوجدنا أن تجردها من الأهداف الخاصة وصدق نية قادتها وسمعتها الإقليمية والدولية هي أهم تلك العوامل.. ويأتي بعد ذلك عامل مهم وهو علاقتها الطيبة مع الفرقاء.
ففي لبنان مثلا يتفق الجميع على أن السعودية وقفت مع لبنان وبذلت الكثير دون شروط وركزت دعمها للجيش اللبناني الذي هو رمز الدولة وحامي الوحدة الوطنية.. ولم تدعم حزبا أو طائفة كما تفعل دول أخرى.. وفي اليمن حتى تدخلها عسكريا لم يكن لمطامع لها وإنما حماية للوحدة الوطنية واستجابة للشرعية ودفع لأخطار التدخل الأجنبي.
ولو أردنا أن نعدد مزايا السعودية لوجدنا أنها لا تعامل الشعوب بما يفعله حكام تلك الشعوب من مواقف معادية أحيانا والشواهد في التاريخ القديم والحديث كثيرة، فكم من نظام عربي ناصب السعودية العداء والتآمر وفتح أبواق دعايته ضدها، ومع ذلك نرى أبناء شعوب تلك الدول يعملون في السعودية، ويحولون مدخراتهم بكل سهولة ويسر، ويلقون معاملة حسنة على المستويين الرسمي والشعبي.. وصفة أخرى، لم يتحدث عنها أحد وهي قبول السعودية لجوء بعض السياسيين لديها بشرط ألا يتعاملوا في السياسة أو يظهروا في الإعلام بإساءة لدولهم أو أي مكونات من شعوبهم.
وأخيرا: هذه السعودية وقدرتها على صنع السلام المشرف بين الأشقاء.. وبقي أن يكتب هذا التاريخ بحيادية وتجرد كي يطلع الجيل الجديد على جانب مهم من التاريخ المشرف لبلادهم وقيادتهم. ولعل دارة الملك عبدالعزيز، بخبرتها وإمكاناتها، خير من يجمع هذه الإنجازات المباركة في كتاب أو أكثر وفي مؤتمر أو منتدى يحمل اسم "السعودية صانعة الحب والسلام".

إنشرها