الطاقة- النفط

"أوبك": صناعة النفط على مفترق طرق .. العالم بحاجة لمزيد من الطاقة وكربون أقل

"أوبك": صناعة النفط على مفترق طرق .. العالم بحاجة لمزيد من الطاقة وكربون أقل

عادت أسعار النفط إلى حصد المكاسب خلال الأسبوع الماضي مع ارتفاع مستوى المخاطر الجيوسياسية، ما أدى إلى تسجيل الخامين القياسيين أول مكاسب أسبوعية في ثلاثة أسابيع مع صعود برنت 3.7 في المائة والخام الأمريكي 3.6 في المائة.
ولا تزال الأسواق تترقب تطورات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وسيؤدي التوصل إلى اتفاق جديد ينهي الحرب التجارية بين أكبر مستهلكين للنفط في العالم إلى إنعاش فرص نمو الاقتصاد العالمي وإبعاد شبح الركود، الذي بات قريبا للغاية من توقعات العام المقبل.
ويتمسك منتجو "أوبك+" بتقييد المعروض النفطي مع احتمالية تعميق مستوى خفض الإنتاج خلال اجتماعات كانون الأول (ديسمبر) المقبل لمواجهة وفرة متوقعة في الإمدادات تهيمن على السوق في 2020.
في سياق متصل، أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أن المشهد في صناعة الطاقة يشهد تغيرات كثيرة ومتلاحقة، ولكن يبقي شيئ واحد ثابت، وهو الحاجة المتزايدة باستمرار إلى إمدادات مستقرة وآمنة للطاقة مع استمرار زيادة السكان وتنامي الاقتصادات على مدى عقود قادمة.
وأفاد تقرير حديث للمنظمة- عن مشاركة الأمين العام محمد باركيندو في مؤتمر النفط والمال في لندن- أنه من المتوقع أن يكون الاقتصاد العالمي في 2040 ضعف حجمه في 2018، كما أنه من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى نحو 9.2 مليار نسمة بزيادة نحو 1.5 مليار نسمة عن اليوم.
ونبه التقرير إلى ضرورة إدراك أن فقر الطاقة لا يزال يمثل آفة في عصرنا، على الرغم من أن تقرير الأمم المتحدة بشأن أهداف التنمية المستدامة يشير إلى أن إجمالي عدد الأشخاص، الذين لا يحصلون على خدمات الكهرباء انخفض إلى أقل من مليار شخص في 2017، إلا أنه ما زال هناك كثير من العمل، الذي يتعين القيام به في هذا المجال، لافتا إلى وجود ثلاثة مليارات شخص يفتقرون إلى إمكانية الحصول على الوقود منخفض الانبعاثات لأغراض الطهي.
وذكر التقرير أن أحدث التوقعات العالمية للنفط في منظمة أوبك تؤكد أن الطلب العالمي على الطاقة سيزداد بنحو 33 في المائة بحلول 2040.
ونوه التقرير إلى أن "استراتيجيات انتقال الطاقة" حاليا تؤكد أن الصناعة على مفترق طرق، حيث يحتاج العالم إلى مزيد من الطاقة، ولكن يجب القيام بذلك بطريقة أكثر فعالية واستدامة مع الأخذ في الاعتبار التحديات، التي يفرضها تغير المناخ على مستقبلنا.
ولفت التقرير إلى أن موقف "أوبك" واضح من التغير المناخي، ومن قضية تحول وانتقال الطاقة، موضحا أن قضية التغير المناخي تحظى باهتمام واسع وجدية من قبل "أوبك".
وشدد على أن المنظمة لا تزال تشارك بشكل كامل وداعم لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس، معتبرة أنها لا تزال تعد الأطر العالمية الوحيدة الصالحة لمعالجة تغير المناخ، موضحة أن جميع الدول الـ14 الأعضاء في "أوبك" وقعت على اتفاقية باريس وصدقت عليها عشر دول.
وذكر التقرير أن "أوبك" على اقتناع راسخ بأن الحوار بشأن هذه المسألة ينبغي أن يكون شاملا وواسع النطاق لمحاولة تطوير انتقال الطاقة بأقل قدر من الاضطراب، مشيرة إلى الحاجة إلى التفكير بعمق في معنى انتقال الطاقة واتباع الطرق الصحيحة ليقودنا إلى مستقبل الطاقة المستدامة.
ولفت إلى تأكيد بن فان بيردين، الرئيس التنفيذي لشركة "شل" على حاجة العالم إلى النفط والغاز لأنه يعتمد عليهما كثيرا بما في ذلك أبسط احتياجاته من التدفئة والغذاء والمأوى، مشيرا إلى أن هذا الأمر لن يتغير بين عشية وضحاها، وهذا هو السبب في أن شركة "شل" العالمية ستواصل الاستثمار في النفط والغاز، حتى ونحن نعمل للمساعدة في تسريع التقدم نحو مستقبل أقل الكربون.
وبحسب التقرير، فإن هناك من يعتقد بأن صناعات النفط والغاز يجب ألا تكون جزءا من مستقبل الطاقة وأن المستقبل يمكن أن تهيمن عليه الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، لافتا إلى أنه من المهم أن نذكر بوضوح بأن العلم لا يخبرنا بذلك ويخبرنا أننا نحتاج إلى تقليل الانبعاثات واستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة.
وأضاف أن مصادر الطاقة المتجددة تسجل نموا قويا مع توسع الرياح والطاقة الشمسية بسرعة، ولكن حتى 2040– وبحسب دراسات "أوبك"- يُقدر أنها ستشكل نحو 19 في المائة فقط من مزيج الطاقة العالمي.
وأشار التقرير إلى توقعات بتجاوز الطاقة النووية ما يزيد قليلا على 6 في المائة، وبقاء الفحم بنسبة تزيد قليلا على 21 في المائة بحلول 2040، وهذا يعني أن النفط والغاز سيواصلان مجتمعين توفير أكثر من 50 في المائة من احتياجات العالم من الطاقة بحلول 2040، إذ يشكل النفط نحو 28 في المائة والغاز 25 في المائة.
وذكر التقرير أن عديدا من الدول الأعضاء في "أوبك" لديها مصادر كبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهناك استثمارات ضخمة في طريقها إلى هذا المجال، في الوقت الذي لا توجد فيه توقعات تشير إلى أن مصادر الطاقة المتجددة ستقترب من تجاوز النفط والغاز في العقود المقبلة.
وشدد على ترحيب "أوبك" بتطوير مصادر الطاقة المتجددة، مضيفا أنه ليس هناك شك في أن السيارات الكهربائية ستواصل التوسع في قطاع النقل، ودراسات "أوبك" تؤكد زيادة حصة السيارات الكهربائية في إجمالي أسطول النقل البري، حيث من المتوقع أن تتوسع إلى نحو 13 في المائة خلال 2040.
وبالنسبة لعديد من سكان العالم، يرى التقرير، أن السيارات الكهربائية لا تقدم بديلا قابلا للتطبيق لمحرك الاحتراق الداخلي بسبب التكلفة وغلاء البطاريات.
ونقل التقرير عن محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة أوبك أنه يمكن تلخيص التحدي الأساسي المتمثل في انتقال الطاقة، الذي نواجهه اليوم في سؤالين أولهما: كيف يمكننا ضمان وجود إمدادات كافية لتلبية نمو الطلب المستقبلي المتوقع؟ وثانيهما كيف يمكن تحقيق هذا النمو بطريقة مستدامة وتحقيق التوازن بين احتياجات الناس فيما يتعلق برفاهيتهم الاجتماعية والاقتصاد والبيئة؟
وأشار إلى الحاجة للبحث عن حلول تكنولوجية أنظف وأكثر كفاءة في كل مكان عبر جميع موارد الطاقات المتاحة، لافتا إلى قول بوب دادلي، الرئيس التنفيذي لشركة "بي بي" العالمية بأنه عند معالجة الانبعاثات يجب الاعتراف بأن هناك عديدا من المسارات وعلينا أن نتابعها جميعا.
وبحسب التقرير، فإن "أوبك" تدرك مدى التحديات المعقدة، وأن المشكلات الكبيرة تتطلب حلولا شاملة ويجب أن تكون صناعة النفط جزءا من الحل، حيث تمتلك موارد وخبرات مهمة يمكن أن تساعد على تحقيق مستقبل خال من الكربون، موضحا أن التحدي البيئي، ليس النفط والغاز أنفسهما وإنما الانبعاثات التي تأتي من حرقهما.
ونوه التقرير إلى قناعة "أوبك" بأنه يمكن إيجاد حلول تقنية مثل استخدام وتخزين التقاط الكربون وغيرها، التي تقلل الانبعاثات وتزيلها في النهاية، لافتا إلى الحاجة إلى مجموعة واسعة جدا من تقنيات إزالة الانبعاثات لمعالجة تغير المناخ، موضحا أن إبعاد المستثمرين عن النفط والغاز ليس هو السبيل إلى التقدم.
ولفت التقرير إلى تأكيد بيل جيتس، أحد مؤسسي شركة مايكروسوفت، أن سحب الاستثمارات من الوقود الأحفوري ليس الحل للحد من الانبعاثات، موضحا أن غياب الاستثمارات اللازمة يزيد من تقلبات الأسواق بشكل كبير ويؤدي إلى نقص الطاقة في المستقبل.
وأضاف، أنه إذا شعر المليارات من الناس في العالم النامي، والذين يعانون نقص الطاقة، بأنهم يتعرضون للتهميش من الطاقات، التي ساعدت على تغذية العالم المتقدم، فإن هذا يمكن أن يزرع مزيدا من الانقسامات ويوسع الفجوة بين الشمال والجنوب، مشددا على أهمية استمرار التمويل والاستثمار في أي حديث عن انتقال الطاقة وتنويعها.
ويرى باركيندو أنه من الأهمية بمكان أن نتمتع ببيئة مستقرة وملعب متكافئ، حيث يبدو أن التركيز لا ينصب على مصدر الطاقة، ولكن على تقليل الانبعاثات.
وأضاف التقرير، أنه من وجهة نظر "أوبك" ندرك تماما حقيقة أن أساس الاستثمار والنمو والتنوع الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التوازن والاستقرار في السوق.
وشدد التقرير على استمرار بقاء الدول الأعضاء في "أوبك" ملتزمة تماما بالاستثمارات عبر سلسلة القيمة الصناعية بأكملها، حيث تعد مسألة إعادة الاستثمارات العالمية محور تركيز أساسي في "إعلان التعاون" و"ميثاق التعاون"، الذي تم التصديق عليه أخيرا.
ويشير التقرير إلى أن صناعة النفط والغاز بأكملها ترحب بالحوار مع جميع أصحاب المصلحة، وترحب بالعمل المشترك أيضا، ولم يعد في إمكاننا العمل في الصوامع، ونحن بحاجة إلى ضمان النمو والتنمية والرخاء المستدامين لأنفسنا وللأجيال القادمة.
وأكد التقرير أن حجم التحدي المناخي يعني أنه لا يوجد مصدر وحيد للطاقة هو الدواء الشافي، ولا يمكن التغاضي عن مساهمة صناعة بأكملها أو مجموعة من الدول في جهود التنمية واستقرار السوق ورواج الصناعة.
وكانت أسعار النفط قد صعدت أكثر من 2 في المائة في ختام الأسبوع الماضي، في الوقت الذي أسهمت فيه أجواء التفاؤل المحيطة بمحادثات التجارة بين الصين والولايات المتحدة في رفع معنويات المستثمرين.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 1.41 دولار، أو 2.4 في المائة، لتبلغ عند التسوية 60.51 دولار للبرميل.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.15 دولار، أو 2.2 في المائة، لتسجل عند التسوية 54.70 دولار للبرميل.
ومما قيد المكاسب توقعات لوكالة الطاقة الدولية بطلب ضعيف على النفط في 2020، وسجل الخامان القياسيان أول مكاسب أسبوعية في ثلاثة أسابيع مع صعود برنت 3.7 في المائة والخام الأمريكي 3.6 في المائة.
من ناحية أخرى، أبلغت الجابون منظمة أوبك أنها ستتقيد بشكل كامل بتعهداتها لخفض إنتاج النفط بموجب اتفاق للإمدادات لعام 2019، في أحدث علامة على مسعى للمنظمة لتحسين التقيد قبل اجتماعها المقبل في كانون الأول (ديسمبر).
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن أسواق النفط العالمية تعافت بوتيرة سريعة من منتصف الشهر الماضي، وقد تواجه فائضا في الإمدادات العام المقبل مع تباطؤ الطلب العالمي.
ودفعت الآفاق الاقتصادية المضطربة لعام 2020 وكالة الطاقة الدولية لخفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط بمقدار 100 ألف برميل يوميا إلى 1.2 مليون برميل يوميا.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي عدد حفارات النفط العاملة‭‭ ‬‬للمرة الأولى في ثمانية أسابيع على الرغم من أن شركات خدمات الطاقة تخفض الوظائف مع قيام معظم المنتجين بتنفيذ خطط لتقليل الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة.‬‬‬‬‬‬
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، أن الشركات أضافت حفارين نفطيين في الأسبوع المنتهي في الـ11 من تشرين الأول (أكتوبر) ليصل إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 712 حفارا، وفي الأسبوع نفسه قبل عام كان هناك 869 حفارا قيد التشغيل.
وتراجع عدد حفارات النفط، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار عشرة أشهر مع قيام شركات مستقلة للاستكشاف والإنتاج بخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة، بينما تركز بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
في المقابل، تراجع عدد حفارات الغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بمقدار حفار واحد إلى 143 حفارا، وهو أدنى مستوى منذ كانون الثاني (يناير) 2017.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط