Author

العزم بين السعودية والإمارات .. نموذج استثنائي للتكامل

|

العزم بين المملكة والإمارات لا يأتي وليد اللحظة، بل تجسيدا مؤسسيا لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، وعوامل تقارب وتكامل تعززها الجغرافيا الصحراوية والسواحل الذهبية، وعلاقات إنسانية تمتد إلى قرون من التواصل والتجانس في الهوية والقيم. لم يكن قرار إطلاق استراتيجية العزم الموقعة بين الرياض وأبوظبي قبل أكثر من عام وليد الحظة، بل نموذجا استثنائيا للتكامل والتعاون بين البلدين من أجل سعادة ورخاء شعبي البلدين، ولقد أتى الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي السعودي - الإماراتي في جدة منتصف عام 2018 ليؤكد معنى العزم فعلا بتوقيع 20 مذكرة تفاهم لمبادرات تحسين تجربة المواطن للخدمات الحكومية في البلدين، وإطلاق برنامج الرفاهية السكني، وإطلاق سياسة تمكين القطاع المصرفي، وإنشاء صندوق استثماري للاستثمار في المشاريع المتوسطة والصغيرة بالمشاركة مع القطاع الخاص، وغيرها من المشاريع، وهي في مجملها تمثل رؤى واضحة لبناء منظومة التكامل السعودي - الإماراتي بمحاوره الثلاثة وهي: المحور الاقتصادي، والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والأمني والعسكري، و175 مشروعا مثمرا.
لقد أدركت الرياض وأبوظبي كل التحديات التي تواجه البلدين، وأن المصير والعمق الاستراتيجي مشترك، وهذه التحديات تتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى استثمارا فعالا لهذا الموقف الاستراتيجي والتكامل الذي يمر بالبلدين، كما عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي اجتماعها الثاني عام 2019 في أبوظبي بحضور 16 وزيرا من البلدين. وبالأمس في اجتماع اللجنة في الرياض تم إعلان سبع لجان لتفعيل كل مفاهيم العزم في مشاريع ومبادرات سيتم تطبيقها على أرض الواقع في 21 مجالا تنمويا مشتركا، ويشرف على تنظيم عمل وإدارة اللجان التكاملية أمانة عامة لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، والعزم يقتضي هذه الحوكمة الفعالة.
هذه اللجان السبع تأتي برئاسة الوزراء المعنيين من الجانبين تعزيزا للقرار والحوكمة الفعالة، فلجنة المال والاستثمار تأتي برئاسة وزيري المالية، ولجنة الطاقة والصناعة برئاسة وزيري الطاقة والصناعة، ولجنة البيئة والإسكان برئاسة وزير الإسكان السعودي، ووزير تطوير البنية التحتية الإماراتي، ولجنة السياحة والإعلام برئاسة وزيري الإعلام، ولجنة التنمية البشرية برئاسة وزيري التعليم، واللجنة السياسية برئاسة وزيري الدولة للشؤون الخارجية. وهذا المستوى من التمثيل التنفيذي العالي لهذه اللجان يمنح كثيرا من المصداقية في العمل والعزم على التنفيذ بما يحقق آمال الشعبين وطموحات القادة.
تنفيذ مبادرات العزم يتضمن إطلاق مبادرة الوعي المالي لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة السعوديين والإماراتيين وعرض وتسويق منتجاتهم بين البلدين من خلال إقامة فعاليات مشتركة. كما تتضمن أمن واستدامة سلاسل الإمداد في القطاعات الرئيسة في البلدين أثناء أزمة أو كارثة. ومما ينتظره المواطنون في مجال القطاع اللوجيستي والبنية التحتية مبادرة المسافرين من ذوي الهمم التي تهدف إلى توحيد الإجراءات والتسهيلات والتشريعات الخاصة بأصحاب الهمم وتسهيل سفرهم، إضافة إلى مبادرة السوق المشتركة، ومشروع العملة الافتراضية الإلكترونية.

إنشرها