Author

المشاريع الرأسمالية في ميزانية النصف الأول

|
كاتب ومستشار اقتصادي


أعلنت وزارة المالية الثلاثاء نتائج الميزانية للنصف الأول من 2019، ومن الملخص التنفيذي الذي نشرته الوزارة يظهر أن أداء الميزانية كان جيدا خلال الأشهر الستة الماضية، حيث بلغت الإيرادات الفعلية خلال النصف الأول 506.1 مليار ريـال في مقابل نفقات بلغت 511.7 مليار ريـال، وبعجز طفيف بلغ 5.6 مليار ريـال.
من القراءة الأولى للأرقام، ولو سار النصف الثاني من العام بشكل قريب من النصف الأول، فسيكون حجم الإيرادات بنهاية العام نحو تريليون ريـال، وهو أفضل مما توقعته الوزارة في بداية العام حيث قدرت الإيرادات للعام عند 975 مليار ريـال. وأما جانب النفقات فالواضح أن الوزارة لم تدرها بشكل متساو خلال أشهر العام، ولو جاء النصف الثاني كما الأول فسيكون إجمالي النفقات نحو تريليون ريـال، وهو أقل من المعلن في بداية العام حيث قرر مجلس الوزراء نفقات تبلغ 1.106 تريليون كأكبر ميزانية توسعية في تاريخ المملكة.
من أرقام ميزانية النصف الأول يتضح أيضا تحسن العائد من النفط بنسبة 15 في المائة مقارنة بالنصف الأول من 2018، كما شهدت الإيرادات غير النفطية تحسنا بنسبة 14 في المائة بالمقارنة بين الفترتين، وهو أمر يحسب لوزارة المالية وتحسن وسائل التحصيل عندها، ولا سيما أنه لا يمكن عزو هذه الزيادة إلى أي رسوم إضافية لأنه لم تفرض أي رسوم جديدة خلال 2019.
في تفاصيل الإيرادات غير النفطية، تتضح زيادة إيرادات ضرائب السلع والخدمات "رسوم المنتجات النفطية وضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية" بنسبة 48 في المائة خلال النصف الأول لهذا العام مقارنة بالنصف نفسه من العام المنصرم، كما يتضح تحسن وسائل تحصيل الزكاة، وضمنها الضرائب على الشركات الأجنبية، حيث تم تحصيل 21.7 مليار ريـال خلال النصف الأول من 2019 مقابل 15.1 مليار في النصف الأول من 2018 وبنسبة تحسن بلغت 44 في المائة.
في حين جاء البند الأسوأ في الإيرادات غير النفطية من إيرادات أخرى، حيث كان إيراده 57.8 مليار في نصف 2018 ولكنه انحدر إلى 45.7 مليار ريـال فقط في النصف الأول من هذا العام وبانخفاض قدره 21 في المائة، وهو ما يتطلب توضيح السبب من قبل وزارة المالية.
في جانب النفقات، لا شيء غير تقليدي في هذا الجانب، فرواتب العاملين في الحكومة اقتطعت نصف المنصرف الفعلي تقريبا، وزادت نفقات التمويل والإعانات بنسب كبيرة، إلا أنهما بندان صغيران في النفقات لا يمثلان مبلغا مهما، في حين انخفضت مصروفات المنح من 1.6 مليار إلى 629 مليون ريـال فقط، وانخفض كذلك بند مصروفات أخرى "المصروفات غير المصنفة في أي من بنود الميزانية" من 51.4 مليار إلى 44.2 مليار بنسبة 14 في المائة، وكل هذا بالمقارنة بين نصف هذا العام ومثيله من العام السابق.
ما يلفت النظر فعليا في بنود النفقات هو ضعف أو تأخر الإنفاق على المشاريع الرأسمالية، فرغم أن الميزانية في بداية العام وعدت بإنفاق ضخم على المشاريع الرأسمالية قدره 246 مليار ريـال، ونسبته 22.2 في المائة من إجمالي النفقات، إلا أن المنصرف الفعلي خلال الأشهر الستة الماضية لم يجاوز 90.2 مليار ريـال. ورغم تضاعف البند من 29 مليارا خلال الربع الأول إلى 61 مليارا صرفت في الربع الثاني، إلا أن الصرف ما زال متأخرا عن المستهدف، وما زال الفارق بين 246 مليارا و90 مليارا رقما كبيرا.
وفيما يخص الملاحظة الأخيرة، أتمنى من وزارة المالية إصدار بيان توضح فيه سبب ضعف الصرف على المشاريع الرأسمالية، وهل ستتم زيادة الصرف خلال النصف الثاني لنصل إلى المستهدف في بداية العام، لأن ما أخشاه هو أن لا تكون المشاريع أو العقود جاهزة، ويتم الضغط والتسريع قبل نهاية العام بقليل، دون أن تستكمل هذه المشاريع شروطها ومواصفاتها وجميع متطلباتها، ثم سرعان ما تتحول بعد عام أو عامين إلى مشاريع متعثرة وهو ما لا نريده بالتأكيد.

إنشرها