default Author

الهروب إلى مدن الظل

|


في هذه الأيام شديدة الحرارة، مع عدم قدرة كثيرين على السفر لأسباب مادية أو وظيفية أو اجتماعية تجد الكل يبحث عن مخرج ومتنفس، رغم المكيفات بأنواعها إلا أنها لم تستطع تخفيف حرارة الصيف وإعادة الناس للحياة الطبيعية. إذا أين المفر؟!
الحل يكمن في مدن الظل أو العيش تحت الأرض حسبما أوصى به عالم الفيزياء الفذ قبل وفاته بالبحث عن أماكن أخرى للعيش نظرا لما يعتري العيش على سطح الكرة الأرضية من مخاطر، فحرارة الشمس وتلوث الهواء وارتفاع منسوب المياه والحروب والأخطار النووية تجعل العيش في باطن الأرض خيرا من ظاهرها، لكن هل الحياة هناك ممكنة والظروف ملائمة؟ هل سنتخلى عن الفضاء الرحب وأشعة الشمس الدافئة ونسمات الهواء العليل؟
هل ستخدمنا التكنولوجيا؟ أم سنتعلم من تجارب أسلافنا الذين سبقونا بالعيش في جوف الأرض، وشواهدهم ما زالت موجودة مثل منطقة كابادوكيا التركية التي تقع مدنها على عمق سبع طبقات تحت الأرض وتحوي مدارس وكنائس ومحال تجارية ويعتقد أنها بنيت لهروب المسيحيين من اضطهاد الرومان. ومدينة أنفاق بكين التي بنيت عام 1969 خلال الحرب الصينية السوفياتية وامتدت تحت بكين بمساحة تقدر بـ80 كيلو مترا مربعا بقدرة استيعابية بلغت 40 في المائة من سكان بكين واحتوت على المطاعم والمسارح والمتاجر. ومدينة مطماطة التونسية التي لا يعرف تاريخ بنائها لكن الناس لا يزالون يعيشون فيها تحت الأرض إلى اليوم! ومدينة كوبر بيدي الأسترالية، تأسست عام 1915 بسبب اكتشاف صبي حجر الأوبال ونتيجة عمليات التنقيب وكثرة توافد الباحثين عن الذهب والأحجار الكريمة وشدة حرارة الجو قرر المنقبون حفر مدينتهم التي احتوت على الفنادق والمتاجر وشبكة طرق وكل سبل الراحة والعيش والرفاهية!
والغريب حقا ما توصل إليه متخصصون في علوم الأحياء والجيولوجيا أن أصل الحياة على كوكب الأرض بدأ في المناطق المظلمة من الكوكب، أي في قعر المحيطات أو على عمق كيلومترات تحت سطح الأرض، حيث تنشط حياة جرثومية كبيرة، لا تعتمد على أشعة الشمس ولا السلسلة الغذائية فوق الأرض إنما تستمد طاقتها من الصخور!
أما نحن فبالتأكيد سيساعدنا ذكاؤنا الفطري والتكنولوجيا على تأمين حياة متكاملة في جوف الأرض كتعويض أشعة الشمس وطرق للزراعة وأضواء صناعية تصحح عملية النوم لدى البشر لأن الظلام الدامس يجعل البشر ينامون 48 ساعة متواصلة!
وفي الواقع بدأ البشر بالانتقال إلى هناك مثل مدينتي لندن ومكسيكو، اللتين تمتدان باتجاه باطن الأرض بدل التمدد أفقيا وعموديا فوق الأرض وكذلك سنغافورة بحلمها بناء مدينة تحت الأرض، أما نيويورك فستبني متنزها هناك!

إنشرها