Author

وظائف المستقبل

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


هناك حالة من التشاؤم؛ لأن معظم الوظائف ستكون من نصيب "الروبوتات"، فالشركات الكبرى تعد نفسها للمستقبل من خلال تمويل دراسات مستقبلية في التقنيات الجديدة التي ستحل محل الإنسان؛ لأن التشغيل الآلي للخدمات عن طريق تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، سيجعل وظائف المستقبل أكثر تنافسية وربحية، وهذا ما يطلبه المستثمرون.
ليس مبكرا القول إن العمل لن يكون مناصفة بين الآلة والإنسان، المستثمرون والشركات هم من سيقرر مستقبل الآلات أمام البشر - ولا سيما أن إنتاجية الآلات ستكون عالية، ووظائف العاملين ستتراجع سنويا أمام قدرات الثورة الصناعية الرابعة، والشركات الألمانية والأمريكية خير مثال على ذلك، فقد سرحت آلاف الموظفين بسبب استثماراتها في الثورة الصناعية الرابعة.
كانت سوق السيارات والاتصالات أول المستثمرين في المستقبل؛ لأن الذكاء الاصطناعي أثبت قدرته على تحقيق وفورات مالية عالية، وأرباح عالية للشركات على المدى المتوسط والبعيد، كما أن الشركات التي كانت تحتاج إلى يد عاملة بشكل مكثف لن تحتاج إليهم وستحقق أرباحا إضافية على المدى المتوسط عند زيادة الاستثمار في الثورة الصناعية الرابعة.
هناك خطوة استباقية على الحكومات في دول الخليج القيام بها قبل أن ترتفع موجة الاستثمارات الرأسمالية بوتيرة أسرع في التقنيات الجديدة؛ حيث يجب وضع تشريعات وتنظيمات تزيد من جاهزية القوى البشرية للعمل على تلك التقنيات.
لو فرضنا أن مصنعا تم تأسيسه ويعمل بشكل آلي، وجميع الخبرات أجنبية، فإن الوظائف ستذهب إلى الدول التي لديها كفاءات مؤهلة للتعامل مع تلك التقنيات، وسيفقد المواطن الخليجي فرصا وظيفية بسبب عدم جاهزيته، لذا نرى أهمية أن تكون الجهات المنظمة ووزارات العمل على وعي بخصائص وظائف الثورة الصناعية الرابعة؛ لتحضير البنية الملائمة والتنظيمات التي تضمن نقل الخبرات والمهارات للمواطنين ومساعدتهم على القيام بدورهم ضمن وظائف المستقبل من حيث المعرفة والمهارات.
كما أن وظائف المستقبل تتطلب أن تقوم الجامعات بدورها في مواكبة تحديث مناهجها في الهندسة وتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي بجميع فروعه وأمن المعلومات وعلوم البيانات والرياضيات التطبيقية، وغيرها من العلوم التي تضمن توافق مخرجات الجامعات مع الجيل الجديد من الوظائف.
كما أن الهيئات المنظمة يجب أن تكون لديها خطط استراتيجية غير تقليدية تنسجم مع طبيعة الجيل الجديد من الاستثمارات التي تنتج وظائف غير تقليدية، وذلك بالتنسيق مع الشركات الكبرى لمعرفة حجم الاستثمارات الرأسمالية في تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة؛ وبناء على ذلك تضع الهيئات أسسا تنظيمية ومحددات في إدارة الوظائف الكلية في القطاع؛ حتى لا يكون هناك مواجهة بين القرار الرسمي والاستثمارات الرأسمالية للشركات في الجيل الجديد من التقنيات التي لا تتطلب كثيرا من العاملين.
التقنية ستشكل مستقبل وظائف المستقبل، وعلينا تسخير استثماراتها في سبيل زيادة التنافسية والربحية وتوفير وظائف ذات أجور عالية لطالبي العمل في السوق المحلية عن طريق الاستعداد الجيد للمستقبل وفق خطط استباقية.

إنشرها