Author

دعم لإحياء الثقافة والحفاظ على التاريخ

|


أصدر الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، توجيهه بدعم يصل إلى 50 مليون ريال "مرحلة أولى" لمشروع ترميم 56 مبنى من المباني التاريخية في مدينة جدة القديمة، التي تمثل معالم أثرية لمنازل تعود ملكيتها لأسر جدة وبيوت يزيد عمرها على 500 عام.
ومن المهم قراءة هذا الدعم في سياقه الصحيح، فالمسألة ليست مجرد ترميم منازل آيلة للسقوط، أو الاستثمار وفق مفهوم تعظيم العوائد المالية، إذ لو كان هذا هو مفهوم المشروع لكان الأولى لهذه المباني أن تسقط ويتم استبدالها بأخرى أكثر جدوى من الناحية المالية البحتة والنظرة المادية قصيرة المدى، لكن عند تأمل هذا التوجيه في سياق النظرة الشاملة للإرث الحضاري للمملكة فإن المراقب سيجد اهتماما مماثلا شمل المباني التاريخية في الدرعية، والعلا، وعلى هذا فإن الاهتمام بالمناطق التاريخية يأتي ضمن مسار عام ورئيس، وهو أيضا يعكس شخصية الأمير محمد بن سلمان الذي تربى في قصر الحكم في الرياض بكل ما يحيط به من معالم التاريخ السعودي ورحلة الدولة منذ أكثر من 300 عام.
عند الحديث عن مشاريع مثل جدة التاريخية ومشروع بوابة الدرعية وتطوير العلا وغيرها مما سيأتي لاحقا ضمن المسار العام نفسه، فإن هذا الحديث وبكل تأكيد وجد دعما من جميع النواحي من "رؤية المملكة 2030"، ذلك أن مثل هذا الحراك والاهتمام الكبير من القيادة لم يأت فجأة واستجابة طارئة للظرف الراهن.
وأصدر خادم الحرمين الشريفين أمرا ملكيا بالموافقة على اقتراح ولي العهد، إنشاء إدارة باسم "إدارة مشروع جدة التاريخية" "ترتبط بوزارة الثقافة، مع تخصيص ميزانية مستقلة لها". وذلك من أجل الحفاظ على مباني جدة التاريخية وإحيائها وتأهيلها ومنع انهيارها حســــب متطـــلبات "اليونسكـــو" لتسجيل جدة في سجل التراث العالمي كما نصت بذلك "رؤية المملكة 2030"، والدعم الذي وجه به ولي العهد إشارة واضحة الدلالة على العزم والتشجيع والمساهمة المباشرة والحماس منقطع النظير في هذا المشروع، وقد وجه ولي العهد وزارة الثقافة بتكوين فرق لأعمال الترميم من الشباب السعوديين، وذلك بإشراف فنيين ذوي خبرة بالمباني التاريخية، على أن يتم التنفيذ وفق تصميم التراث العمراني المميز لجدة التاريخية وهذا رسالة أخرى أشد وضوحا نحو نقل الثقافة والحضارة إلى الأجيال القادمة من أبناء البلد، فالثقافة السعودية في غرب المملكة لها طابعها المميز جدا، ونحن نعرف دور المنزل في جدة وتأثيره في الحياة الثقافية فيها، ولقد تأثرت كتب الأدب في جدة بكثير من تفاصيل المنزل والحارة، فهذه المباني لن تعود إلى سابق عهدها بمجرد ترميم أجوف خال من حركة ثقافية أصيلة يشرف عليها خبراء ويصنعها شباب، لتنتقل عبر الأجيال.
عندما تبنى هذه المباني بالأيدي السعودية، فإننا سنكون أكثر غيرة وحرصا على بقائها بثقافتها لتصل إلى أعمق نقطة في عالم المستقبل وتنقل قصة رجل أعاد للتاريخ السعودي إشراقه وعصره الذهبي.

إنشرها