الحظر الأمريكي للنفط الفنزويلي يدخل حيز التنفيذ .. العقوبات تضرب دعامة الاقتصاد الهش
دخل الحظر الأمريكي على النفط الفنزويلي حيز التنفيذ اليوم، في مسعى لدفع الرئيس نيكولاس مادورو نحو الخروج من الحكم عبر استهداف دعامة الاقتصاد الهش.
وبحسب "الفرنسية"، يمنع الحظر على كل شركة أمريكية شراء النفط من شركة النفط الوطنية في فنزويلا أو من إحدى الشركات التابعة لها، كما أنه يمنع كل كيان أجنبي من استخدام النظام المصرفي الأمريكي للتزود بالذهب الفنزويلي الأسود.
ويعد هذا الإجراء واحدا من التدابير، التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب للإطاحة بالحكومة الفنزويلية لمصلحة المعارض خوان جوايدو، الذي أعلن نفسه رئيسا بالوكالة وتعترف به نحو 50 دولة، بينهم غالبية دول أمريكا اللاتينية.
ووضعت واشنطن وزير خارجية فنزويلا خورخي أرييسا خارج النظام المالي الدولي (يعمل بالدولار الأمريكي)، وجمدت وزارة الخزانة أي أصول قد يمتلكها في الولايات المتحدة، كما أنها وضعت الدبلوماسي الفنزويلي على لائحتها السوداء للعقوبات المالية.
وصدرت فنزويلا نهاية 2018 نصف مليون برميل نفط يوميا إلى الولايات المتحدة، وكانت نسبة ثلاثة أرباع عائداتها النفطية تتأتى من زبائن أمريكيين.
وتمتلك الشركة الأمريكية "سيتجو" التابعة لشركة النفط الوطنية في فنزويلا مصافي وأنابيب وتشارك في محطات نفطية على الأرض الأمريكية، فيما تحوز آلاف محطات الوقود رخصة رفع شعار "سيتجو".
وجمدت واشنطن أصول "سيتجو" في الولايات المتحدة، وأسندت إدارتها إلى خوان جوايدو، الذي عين إدارة جديدة على رأس الفرع الأمريكي بما يخولها الاستمرار في عملها.
غير أن رجل القانون الفنزويلي المقيم في واشنطن والمتخصص في القانون الدولي ماريانو دي ألبا، يشير إلى أنه "حتى بدخول الحظر حيز التنفيذ الأحد، فإن الواقع هو أن مشتريات الولايات المتحدة من النفط الفنزويلي باتت محدودة جدا، وقد انخفضت بشكل واضح".
وبالرغم من ذلك، سيكون للعقوبات أثر، لأنها تطبق على كل الشركات الأجنبية، التي لديها روابط في الولايات المتحدة، ما يعني معظم شركات العالم، ويقول ألبا "الأكيد أن العقوبات ستطبق وأن المخاطر ترتفع بالنسبة إلى الشركات".
وبعد الولايات المتحدة والصين، احتلت الهند في عام 2017 المركز الثالث بين مستوردي النفط الفنزويلي، وتحسبا للعقوبات، بدأت الشركات الهندية بالانسحاب، ما يكرس موقع الصين وروسيا كأبرز داعمي الرئيس مادورو.
وجرى انتخاب مادورو لولاية جديدة في تموز (يوليو) 2017 في اقتراع لم يعترف به الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة.
ويمثل النفط 96 في المائة من الدخل الوطني، ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاضا خلال العام الجاري في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 25 في المائة وتضخما جامحا يبلغ عشرة ملايين في المائة، إضافة إلى نسبة بطالة من العمل بنسبة 44.3 في المائة.
ومنذ عام 2015 خرج نحو 2.7 مليون شخص من فنزويلا في ظل الشح في المواد الأساسية والأدوية، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
وبعكس الظاهر، ليست صادرات النفط، التي تهم أكثر فنزويلا، وإنما وارداته، إذ يعتمد البلد على استيراد 120 ألف برميل يوميا من الخام الخفيف، الذي يجري مزجه بالخام الفنزويلي الأثقل ليصبح قابلا للاستخدام، وسيتوجب على كراكاس اللجوء إلى موردين جدد، ما سيرفع كلفة الإنتاج.
وبحسب مجموعة "رابيدان إنرجي" الاستشارية، فقد يهبط إنتاج شركة النفط الوطنية في فنزويلا إلى 200 ألف برميل في اليوم في مقابل 3.2 مليون برميل في اليوم عام 2008، وكانت الأرقام وصلت إلى 840 ألف برميل يوميا في آذار (مارس).
وتحمل الولايات المتحدة الرئيس مادورو مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحالية، وتعد بمساعدة كراكاس وبجعلها تقف على أقدامها مجددا فور رحيله.
ووعد المبعوث الأمريكي إيليوت إبرامز بـ"عشرات مليارات الدولارات لإحياء اقتصاد البلاد حين تنشأ حكومة ذات قاعدة عريضة تمثل كل الفنزويليين".
وفي هذه الأثناء، تحذر دراسة تم نشرها في نيسان (أبريل) لاقتصاديين أمريكيين هما مارك وإيسبروت وجيفري ساكس، من أن الحظر سيؤثر بالأخص في الفنزويليين العاديين.
ويرى ساكس في الدراسة أن "العقوبات الأمريكية صممت لتدمير اقتصاد فنزويلا عن عمد.. هذه سياسة عديمة الجدوى وقاسية، غير شرعية ومصيرها الفشل وستضر بالشعب الفنزويلي بشكل خطير".