الطاقة- النفط

أسعار الخام عند أعلى مستوياتها في 2019 مدفوعة بإلغاء الإعفاءات الأمريكية

أسعار الخام عند أعلى مستوياتها في 2019 مدفوعة بإلغاء الإعفاءات الأمريكية

قاد القرار الأمريكي بإلغاء الإعفاءات والتنازلات الممنوحة لمشتري النفط الإيراني اعتبارا من أول أيار (مايو) المقبل إلى قفزات في أسعار النفط الخام وتسجيلها أعلى مستوياتها القياسية في عام 2019 مدفوعة من قلق تداعيات القرار الذي سيؤدي دون شك إلى مزيد من انكماش المعروض النفطي وضيق السوق المثقلة بانقطاعات أخرى وبمخاطر جيوسياسية واسعة.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن تأثير القرار جاء كبيرا في السوق، حيث إنه يتزامن مع عقوبات صارمة أيضا على فنزويلا علاوة على المخاوف من حدوث انقطاعات فى ليبيا فيما جاء ذلك بعد غموض أحيط بالموقف الأمريكي خاصة مع توقع البعض تمديد التنازلات لمواجهة ارتفاع الأسعار التي أعربت الإدارة الأمريكية عن عدم رضاها عنه في مناسبات عديدة سابقة.
وأوضح المحللون أن القرار الأمريكي حمل رسالة قوية إلى السوق بإصرار الإدارة على خفض الصادرات النفطية الإيرانية إلى مستوى الصفر رغم تأكيد بعض الدوائر المالية والنفطية صعوبة تحقيق هذا الأمر بشكل عاجل لكن القرار الجديد سيزيد الخناق دون شك على الاقتصاد الإيراني إلى مستويات لم يواجهها من قبل حتى في ظل العقوبات السابقة.
وقال سيفين شيميل مدير شركة "في جي اندستري" الألمانية، إن القرار الأمريكي كان مفاجئا خاصة أن كثيرين توقعوا مرونة من الجانب الأمريكي مع مشتري النفط الإيراني وذلك لتهدئة وتيرة الأسعار التي حققت مكاسب قياسية خلال الربع الأول بأكثر من 30 في المائة. وأشار إلى أن السوق ما زالت غير مستقرة، حيث ترى بعض المصارف أن القرار سيشعل الأسعار على نحو كبير مثل بنك باركليز، بينما بنك جولدمان ساكس يتوقع تأثيرا محدودا للقرار في ضوء احتمال تخفيف قيود الإنتاج من قبل "أوبك" وحلفائها.
من جانبه، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن حجم الإنتاج الإيراني لا يتجاوز حاليا 1.1 مليون برميل يوميا بعد سلسلة من التراجعات المتتالية وهو أقل من حجم تخفيضات تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها الذي يبلغ 1.2 مليون برميل يوميا وهذا يعني أن المنتجين يستطيعون بسهولة تعويض الإنتاج الإيراني بمجرد التخلي عن التخفيضات في اجتماع حزيران (يونيو) المقبل.
وأوضح أن حديث الإدارة الأمريكية عن الدورين السعودي والإماراتي في تعويض أي نقص في المعروض يؤكد وجود تفاهمات جيدة وتحضيرات مهمة جرت قبل اتخاذ قرار وقف العمل بتنازلات الإنتاج والضغط على الإنتاج الإيراني حتى يصل إلى مستوى الصفر.
من ناحيته، قال أندرية يانييف المحلل البلغاري ومختص شؤون الطاقة، إن السعودية سبق أن أكدت على لسان المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، أنها تتمتع بطاقات إنتاجية احتياطية مرنة وأنها ستتدخل دائما لعمل كل ما يدعم الاستقرار والتوازن في السوق النفطية وذلك بالتنسيق والتعاون بين دول "أوبك" وخارجها.
ولفت إلى أن كثيرا من الأعباء أزيحت عن كاهل اجتماع المنتجين في حزيران (يونيو) المقبل، حيث سهل القرار الأمريكي مهمة المنتجين خاصة مع إعلان روسيا أن السوق في حالة جيدة للغاية وأنه قد لا يكون هناك مبرر لتمديد العمل بتخفيضات الإنتاج.
وذكر أن المؤشرات الأولى لموقف المنتجين الجديد ستتبلور في اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة الإنتاج في جدة الشهر المقبل وهي التي ستدرس وضع السوق وترفع التوصيات إلى الاجتماع الوزاري الموسع.
بدوره، أكد ردولف هوبر مختص شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن خصم الإنتاج الإيراني قد لا يكون مؤثرا على نحو واسع في المعروض النفطي العالمي ولكن الأزمة ليست قاصرة على إيران فهناك أيضا شلل في الإنتاج الفنزويلي، وقتال دائر في ليبيا يهدد مستويات إمداداتها من النفط الخام.
وذكر أن القرار الجديد سيدشن مستوى جديدا من التعاون والتقارب بين الولايات المتحدة ودول "أوبك"؛ وذلك بعد أن تخلل العلاقة بعض التوتر بسبب رغبة الولايات المتحدة في زيادة الإنتاج لخفض الأسعار.
وأشار إلى تحول الولايات المتحدة حاليا وبعد هذا القرار إلى التركيز على الدورين السعودي والإماراتي في المرحلة المقبلة لدعم توازن وتأمين احتياجات المستهلكين، حيث يتمتعان بطاقة احتياطية هائلة وبقدرة سريعة على زيادة الإنتاج وتعويض أي خلل في علاقة العرض والطلب بما يؤمن الإمدادات ويلبي الطلب في الأسواق العالمية.
وفيما يخص الأسعار، سجلت أسعار النفط أعلى مستوياتها لعام 2019 أمس، بعد أن أعلنت واشنطن أنها ستنهي جميع الإعفاءات الممنوحة في العقوبات الإيرانية بنهاية أيار (مايو) المقبل، لتضغط على المستوردين من أجل وقف الشراء من طهران.
ورغم خطوة واشنطن، قال المحللون إن أسواق النفط العالمية ستكون قادرة على التأقلم مع تعطلات إيران نظرا لتوافر طاقة فائضة كافية من موردين آخرين.
وبحسب "رويترز"، فإنه في الساعة 06:28 بتوقيت جرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت عند 74.58 دولار للبرميل، مرتفعة 0.7 في المائة من أحدث إغلاق لها ومسجلة أعلى مستوياتها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2018.
وسجلت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط أقوى مستوياتها منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018 عند 65.10 دولار للبرميل، بزيادة 0.8 في المائة عن تسويتها السابقة. وطالبت الولايات المتحدة أمس الأول مشتري النفط الإيراني بوقف الواردات بحلول أول أيار (مايو) المقبل أو مواجهة عقوبات، منهية إعفاءات لستة أشهر سمحت لأكبر ثمانية مشترين من إيران، ومعظمهم في آسيا، بمواصلة استيراد كميات محدودة.
وقبل إعادة فرض العقوبات العام الماضي، كانت إيران رابع أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" عند نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا، لكن صادرات نيسان (أبريل) الجاري انكمشت إلى أقل من مليون برميل يوميا، وفقا لبيانات "رفينيتيف".
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 72.44 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 70.83 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 70.41 دولار للبرميل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط