Author

الخلافات التجارية والسوق النفطية .. التأثير محدود

|

لا توجد حتى الآن مؤشرات سلبية على مستويات الطلب على النفط في السوق العالمية، كما أن الخلافات التجارية التي تضرب العلاقات بين الولايات المتحدة والصين لا تزال بعيدة عن التأثيرات السلبية في هذه السوق، يضاف إلى ذلك أن نمو الاقتصاد العالمي كله يظل مستقرا؛ أي إن العوامل المؤدية إلى الطلب على النفط موجودة على الساحة، ولا شك أن أي توتر يشكل مخاطر على السوق النفطية، لاسيما أن العلاقات الأمريكية - الصينية على الصعيد التجاري لا تزال متوترة، بل أحيانا آخذة في مزيد من التوتر دون أن ننسى بالطبع أن هناك حربا تجارية بمستوى متوسط حاليا بين هذين البلدين، ومن المتوقع أن تتواصل إلى حين تحقيق اتفاق ما بينهما.
وحتى مع وجود التوتر المتواصل أيضا على الساحة التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فضلا عن التوتر السابق بين واشنطن وكل من المكسيك وكندا، يبقى الطلب على النفط متوازنا، والسبب الرئيس، أن هذه الخلافات - المعارك/الحرب التجارية المشار إليها - لم تؤثر في الاقتصاد العالمي، فضلا عن أن هذا الاقتصاد تخلص بالفعل أواخر العام الماضي من الآثار السلبية القاتلة للأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت عام 2008، وهذه الآثار استغرق التخلص منها أكثر من قرابة عقد من الزمن؛ ما يعني أن الخلافات التجارية تبقى محدودة في سلبيتها على السوق النفطية. فالحراك الاقتصادي العالمي يستدعي الحفاظ على المستوى الحالي للطلب على النفط، بل هناك مؤشرات تدل على ارتفاع مستوى الطلب في المستقبل القريب، وهذا ما يجعل أسعار النفط في مستويات مقبولة لكل الأطراف طبعا، فهي عادلة للمستهلكين والمنتجين، والسبب يعرفه الجميع، ويتعلق مباشرة بنجاح اتفاق خفض الإنتاج العالمي، الذي تقوده المملكة منذ ثلاث سنوات. صحيح أن هناك بعض التسيب من هذه الجهة أو تلك، إلا أن الرياض تمكنت من ضبط الاتفاق وفق ما هو إيجابي لكل الجهات. ويكتسب ما قاله المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، أهمية كبيرة بشأن وضع النفط على الساحة العالمية، لاسيما فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، الذي يعتقد أنه حتى إن حدث تباطؤ له، فلن يكون كبيرا، كما أن ذلك لن ينعكس على الطلب في السوق النفطية. وفي كل الأحوال، فإن هذه السوق تسير في الطريق السليمة، وفق تأكيدات الفالح.
غير أن العنصر الأهم في كل هذا، يبقى القوة التي تتمتع بها المملكة في التغلب على أي تحولات سلبية قد تحدث، أو ربما تمر عرضا، فهي متمكنة من السوق النفطية بما يكفي لكي تحصر أي آثار سلبية محتملة، رغم عدم وجود مؤشرات تدل على ظهور مثل هذه الآثار في المستقبل القريب. والرياض ومعها منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" مستعدة لاتخاذ أي خطوات لازمة في هذا الخصوص، لاسيما أن ما تطرحه من سياسات نفطية مختلفة، أثبت نجاعته في المرحلة الماضية، مع الحرص على أن تبقى السوق النفطية متوازنة، تحت أي ظروف كانت. فالمسألة لا تتعلق بهذه الدول أو تلك.. إنها مرتبطة بحراك الاقتصاد العالمي، مع ضرورة التأكيد على أن التفاهم بين البلدان المصدرة للنفط وصل إلى أعلى مستوياته في العامين الماضيين، ما أسهم بالطبع في قطع الطريق أمام أي محاولات تخريبية، وتحديدا من جانب إيران، التي حاولت أن تعبث بالاتفاق النفطي عدة مرات، إلا أنها أخفقت كعادتها أمام الموقف السعودي الواضح.

إنشرها