default Author

الحقيقة الغائبة "2"

|

حين نستيقظ صباح يوم شتوي شديد البرودة، نستمتع بمنظر الضباب في مدننا، ونعتقد أننا أصبحنا مدنا أخرى للضباب، ولكن الواقع أن ما نراه هو ضباب دخاني، وليس ضبابا طبيعيا، ويطلق عليه باللغة الإنجليزية "سموغ"، كلمة تجمع بين الدخان والضباب.
وهو شكل من أشكال تلوث الهواء المرئي، الذي يتكون من خليط من المواد الكيماوية والدخان والأوساخ؛ تسبب الإنسان في تكوينه نتيجة لانبعاثات عوادم السيارات ومخلفات المصانع، والحرائق، وانبعاثات الفحم، وغيرها من الأنشطة التي تزيد من تلوث الهواء. وهذا الخليط السام "الضباب الدخاني" يؤثر سلبا في مؤشر جودة الهواء، وفي صحة الإنسان، خصوصا المصابين بأمراض القلب والرئة، فيزيد حالاتهم.
ومن الأمور التي كنا نعتقد أنها طبيعية، ولم يخطر في بال أحدنا يوما أنها من صنع البشر - روائح الغاز الطبيعي وغاز البترول المسال، الذي نستخدمه في منازلنا، وفي المصانع، فهو في الأساس عديم الرائحة، يضيف إليه البشر مواد ذات رائحة مميزة؛ حتى نتمكن من شمه وتمييزه إذا حدث - لا قدر الله - تسرب للغاز، وكم من حياة أنقذتها هذه الرائحة قبل أن تختنق، كما تضاف إلى الغاز الطبيعي مواد أخرى تمنعه من الانفجار عند ارتفاع درجات الحرارة.
من الأكلات التقليدية المفضلة لدى الأمريكان والأوربيين في عشاء عيد الشكر الديك الرومي؛ حيث تجده يزين موائدهم، ويتفاخرون بأحجامه، ويتفننون في طبخه وتقديمه، ولكن ماذا لو علموا أن 99 في المائة من هذه الديوك ليست طبيعية، وإنما مستنسخة؛ لأن الديك الرومي البري الأصلي فقد القدرة على التزاوج الطبيعي منذ عقود، ويتم إنتاجه عن طريق التلقيح الصناعي لديوك رومية بيضاء عريضة الصدر؛ لتمنحه لحما وفيرا بأقل تكلفة.
أما النحلة الإفريقية المعروفة بـ "النحلة القاتلة"، التي ظهرت في كثير من أفلام الرعب، فهي - في الحقيقة - نوع هجين من النحل من صنع الإنسان، نتيجة تهجين بين النحل الأوروبي ونحل العسل الإفريقي، قامت به وارويك كير عالمة الأحياء؛ لكي تنتج نوعا يصنع مزيدا من العسل، ويتكيف مع الظروف الاستوائية. كان النحل المهجن يعيش في المنحل في ساو باولو البرازيلية في خلايا مخصصة له، تم تجهيزها بشاشات تمنع ملكة النحل من الخروج، ولكن عام 1957 هرب 26 سربا من الحجر الصحي لتنتشر في البرية، وتصل في نهاية المطاف إلى حوض الأمازون وأمريكا الوسطى والمكسيك، وتتكاثر مع النحل الأوروبي. والمؤسف أن هذا النحل المتوحش قتل أكثر من ألف شخص، ولديه القدرة على مطاردة الضحية حتى مسافة 400 متر تقريبا.

إنشرها