خطبة الجمعة

أجدني دوما أبحث عما يقوله الإمام يوم الجمعة، في محاولة للحكم على التفاعل المنطقي الذي نحتاج إليه مع صعوبات الحياة وتطلعات الناس، وما يهمهم في كل مرحلة دامت أو قصرت. كثير من الحكمة نجدها في كثير مما يقال، وسرتني متابعة أحد الأئمة الذي ناقش واحدة من أخطر القضايا التي تواجه مجتمعنا، وتنتشر بشكل خطير بين كل طبقاته. تلكم هي آفات مواقع التواصل.
أصبحت هذه الوسائط الوسيلة الأمضى في تدمير العلاقات المجتمعية بدل بنائها، فمنها تنطلق الشائعات التي لا صحة لها، وفيها يتبادل الناس معلومات تتسم بالبعد عن الواقعية، ومنها تنطلق اتهامات توجه إلى أشخاص ومجموعات لا علاقة لهم بها، بل إن هناك من استغلها لتوجيه الرأي العام باتجاه تبني رؤى غير واقعية ومسيئة للمجتمع برمته. ما يواجهنا اليوم من هذه المصادر الخطيرة لابد أن يدفع باتجاه تغيير طريقة التعامل مع وسائل التواصل وتكوين ضوابط حماية للكبار قبل الصغار من مخاطرها.
تعمل هذه المواقع على تحييد عناصر كانت مهمة في حياة الناس، ومن أهمها الاحترام المتبادل، فأصبحت العلاقات بعيدة عن القيم والأسس التي تربى عليها المجتمع، فتحدث الصغار في حضور الكبار، وفقد الحكماء دورهم في توجيه الحديث والتنبيه للمخاطر التي نواجهها. لعل كثيرين يشاهدون الكم الكبير من الخلافات التي تنتشر في كل مواقع التواصل، يدعم هذا الجنون استمرار التداخل بين الناس من مستويات فكرية مختلفة، وخلفيات بيئية متفاوتة بشكل يؤثر في مفاهيم وقيم ومبادئ كنا نعتقد رسوخها، ومن ضمنها احترام الفواصل السنية والعلمية بين الناس.
تستمر هذه الإشكالية لتنشئ- من هذه المواقع - وسائل لاختراق المجتمعات، بعد أن ضعفت جدران الحماية الأخلاقية والقيمية التي كانت تحصن الناس. نجد كثيرا من الاختلاف فيما يتعلق بالرؤى العامة والمفاهيم الأساسية، هنا تنطلق كثير من عمليات التشكيك في الثوابت والبذل العام للخروج عليها. الاستهداف الذي يعتقد كثيرون أنه غير موجود، هو اليوم حقيقة واقعة، بل إننا نجد اليوم كثيرين ممن تبنوا نظريات مخالفة مفهوم الاستهداف، باعتبارها محاولة من كبار السن للمحافظة على مواقعهم، يتحدثون اليوم بإسهاب عن استهداف المجتمع في كل طبقاته ومحاولات شرذمته ليكون لقمة سائغة ومطية لمحاولات تدمير المجتمع والعلاقات والبلاد لا قدر الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي