Author

الميزان التجاري .. والنتائج الاقتصادية الإيجابية

|
كلما اقتربنا من عام 2020 تظهر الآثار الحقيقية والنتائج القوية لبرنامج التحول الوطني 2020، وكل عام يثبت الاقتصاد السعودي أنه راسخ وينمو بطريقة متوازنة جدا ومبشرة، وما تحقق من فوائض في الميزان التجاري السعودي يدل على هذا بكل وضوح. فقد حقق الميزان التجاري فوائض بقيمة 82.8 مليار ريال، خلال أول شهرين من العام الجاري 2018، مرتفعا بنسبة 60.7 في المائة بقيمة 31.3 مليار ريال، عن الفائض المسجل في الفترة ذاتها من عام 2017 البالغ 51.5 مليار ريال. الميزان التجاري ليس مجرد مؤشر؛ بل هو تمثيل صادق للتدفق الحقيقي للنقد والسلع من داخل المملكة إلى خارجها والعكس، فإذا حقق الميزان فائضاً فهذا يعني أن سلعاً أكثر تم تصديرها للخارج وبيعها في الأسواق العالمية، وإذا كان الميزان يشير إلى العجز، فهذا يدل على أن الواردات من هذه السلع أكبر، وإذا قلنا إن الفائض في الميزان يدل على استقرار الاقتصاد، فهذا لأسباب نوردها هنا باختصار. السبب الأول، أن حجم الاقتصاد السعودي كبير جداً، إذ يبلغ الناتج المحلي ما يقرب من 2.5 تريليون ريال، فإذا كان حجم الصادرات أكبر من حجم الواردات، فإن السلع السعودية تحقق الكثير للاقتصاد سواء من الاكتفاء الذاتي أو من جانب التنافسية بقوة في الأسواق العالمية. فاستناداً إلى بيانات الهيئة العامة للإحصاء، فإن الفائض نتج عن ارتفاع الصادرات بنسبة 18.3 في المائة بقيمة 24.9 مليار ريال؛ لتبلغ 160.7 مليار ريال، فيما كانت نحو 135.8 مليار ريال في أول شهرين من عام 2017. وهنا نشير إلى أن "رؤية المملكة 2030" وضعت نمو الصادرات كأحد أهم برامجها، وهذه النتائج المبكرة تشير إلى أننا نسير بقوة نحو تحقيق الرؤية حتى قبل موعدها بإذن الله. السبب الثاني، أن البيانات أشارت إلى أن الواردات تراجعت بنسبة 7.6 في المائة بقيمة 6.4 مليار ريال؛ لتبلغ نحو 77.9 مليار ريال، فيما كانت 84.2 مليار ريال في أول شهرين من عام 2017، وعلى الرغم من أنه لا يمكن الجزم هنا حول الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع، وخاصة أن الاقتصاد السعودي يحقق نموا بنسبة جيدة مقارنة باقتصاد خرج من أزمة انهيار أسعار النفط، لكن يمكن القول إن هذا التراجع جاء بسبب نمو في الصناعة المحلية؛ حيث إن أرقام الصادرات تدل على ذلك، فالميزان التجاري السلعي في السعودية سجل فائضاً بقيمة 340.9 مليار ريال خلال عام 2017، وهذا النمو في الصناعة المحلية لعله أنتج اكتفاءً ذاتياً عن الاستيراد فظهرت النتائج هكذا. السبب الثالث أن جزءا لا يمكن تجاهله لهذا الفائض جاء من ارتفاع إيرادات الصادرات النفطية، وذلك بسبب نجاح المملكة في تحقيق تحسن قوي في أسعار النفط، لكن لا يمكن أيضاً تجاهل ارتفاع الصادرات غير النفطية بنسبة 8.9 في المائة، بينما تراجعت الواردات غير النفطية بنسبة 5.1 في المائة، كما أن الفائض في الميزان يدل على نمو الاحتياطيات الأجنبية في المملكة بشكل يدعم القدرة الائتمانية للاقتصاد السعودي وهو ما يمنح القرار الاقتصادي مرونة وهامش عمل واسع. السبب الرابع، أن المملكة تسير بقوة نحو تحقيق رؤيتها بخصوص استغلال الموقع الاستراتيجي والربط بين قارات العالم، فتحليل وحدة التقارير في "الاقتصادية" يشير إلى أن الصادرات من السلع تتوزع بين فئتين هما الصادرات من السلع المحلية "الصادرات الوطنية"، وصادرات السلع الأجنبية "إعادة التصدير". وتشمل الصادرات الوطنية، جميع السلع التي تم إنتاجها أو تصنيعها محليا بالكامل أو التي أجريت عليها عمليات صناعية غيّرت من شكلها وقيمتها، أما إعادة التصدير، فتشير إلى الصادرات من السلع المستوردة وهو ما نشير إليه في استغلال الموقع الاستراتيجي للمملكة حيث تمت إعادة تصدير السلع الأجنبية بين قارات العالم.
إنشرها