تقارير و تحليلات

قطر بعد عام من العزلة.. القطاع المصرفي يتداعى والسوق المالية تخسر 36 مليار ريال

قطر بعد عام من العزلة.. القطاع المصرفي يتداعى والسوق المالية تخسر 36 مليار ريال

بعد عام من مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لنظام الدوحة، تتكشف معالم الخسائر الفادحة التي مني بها الاقتصاد القطري، فالقطاع المصرفي يتداعى على وقع تراجع ودائع القطاع الخاص وانسحاب الشركات والمستثمرين.
وبحسب تحليل لوحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" استند إلى بيانات البنك المركزي القطري، فإن ودائع الشركات والمؤسسات منذ عزلة قطر، تراجعت بنحو 15 في المائة، بـ 32.1 مليار ريال قطري.
وشكلت تلك الودائع نحو 22 في المائة من إجمالي الودائع في المصارف القطرية، في حين كانت تشكل نحو 28 في المائة قبل مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة.
وبدأت المصارف القطرية في سعيها إلى الحصول على التمويل بطرق باب الأسواق الخارجية، بدلا من الاعتماد بشكل رئيس على الدعم الحكومي.
ويشعر القطاع المصرفي القطري حاليا بحدة المقاطعة بعد سحب مستثمرين خليجيين ودائعهم من قطر، وتراجع السيولة وارتفاع كلفة الحصول على التمويل بعد تخفيض التصنيف الائتماني للقطاع المصرفي القطري.
ويوما بعد يوم ينكشف حجم الضرر الاقتصادي الكبير الذي لحق بقطر نتيجة مقاطعتها، حيث تعمل الحكومة القطرية على ضخ الأموال في مصارفها لتجنب مزيد من الخسائر، حيث بدأ تأثير الأموال واضحا في أسعار الفائدة التي قفزت بوتيرة عالية، حيث بلغت نسبة لم تبلغها بقية دول الخليج المجاورة التي تربط عملاتها مع الدولار الأمريكي.
كذلك فإن المستثمرين في سوق الأسهم القطرية ليس بأفضل حال، حيث استمرت البورصة القطرية بالتراجع منذ بدء مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، إذ تراجعت البورصة بوتيرة قياسية، مسجلة مستوى يعد الأدنى في خمس سنوات.
وبلغ إجمالي ودائع الشركات والمؤسسات نحو 177.7 مليار ريال قطري، مقارنة بنحو 209.9 مليار ريال قطري قبل المقاطعة وبفارق بلغ 32.1 مليار ريال قطري.
وانخفضت الودائع المقومة بالعملات الأجنبية، حيث تراجعت إلى نحو 56.1 مليار قطري، من 71.2 مليار ريال قطري.
في المقابل فإن حكومة قطر ضخت أموالا في المصارف وبشكل كبير سواء عن طريق الحكومة أو المؤسسات الحكومية التابعة لها، حيث نمت ودائع الحكومة القطرية بنحو 13 في المائة، إذ ضخت 8.8 مليار ريال قطري.
في حين ارتفعت ودائع المؤسسات الحكومية بنحو 85 مليار ريال قطري على شكل ودائع جارية أو بعملات أجنبية.
ومع استمرار الطلب على السيولة وبشكل كبير ومفاجئ عكس ذلك على أسعار الفائدة، حيث ارتفعت الفائدة بين المصارف لأجل ثلاثة أشهر إلى أعلى مستوياتها، إذ بلغ معدل الفائدة نحو 3.5 في المائة، مقارنة بنحو 2.1 في المائة قبل عام بزيادة بلغت 125 نقطة أساس، في حين تبلغ معدلات الفائدة في الإمارات والسعودية عند 2.14 في المائة، و2.3 في المائة على التوالي.
وتأثرت سوق المال القطري منذ بداية المقاطعة وبشكل واضح، حيث تراجع المؤشر العام بنحو ألف نقطة أو ما يعادل نحو 10.3 في المائة، وعكس ذلك على القيم السوقية للشركات المدرجة التي فقدت نحو 36.7 مليار ريال قطري.
وأجبرت المقاطعة قطر على بيع بنك لوكسمبورج الدولي، الذي تأسس قبل 161 عاما من بريسيشن كابيتال، الذراع الاستثمارية لأفراد في الأسرة المالكة القطرية من بينهم رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.
وأبرمت شركة ليجند هولدنجز الصينية، صفقة للاستحواذ على حصة نسبتها 90 في المائة، فى بنك لوكسمبورج الدولي من الأسرة المالكة في قطر مقابل 1.48 مليار يورو (1.76 مليار دولار)، في أكبر عملية استحواذ لها بالخارج.
وقالت "ليجند" المالكة لمجموعة لينوفو لأجهزة الكمبيوتر في بيان إنها تجرى عملية الشراء عبر بيوند ليب، وحدتها في هونج كونج، كما تخارج جهاز قطر للاستثمار بشكل شبه كامل من شركة "روسنفت".
وكان مختصون دوليون قد أكدوا لـ"الاقتصادية"، أن جوانب الخلل في الأداء الاستثماري لجهاز قطر للاستثمار، لا تختلف عن جوانب الخلل السائدة في أداء الاقتصاد القطري ككل، فمنطق قطر في استثمار الفوائض المالية من بيع الغاز في الأسواق العالمية، الذي ساد قبل تأسيس الجهاز، هو ذاته الوضع الذي ساد في مرحلة ما بعد تأسيس جهاز قطر للاستثمار، حالة من التخبط وعدم وضوح الرؤية، التي كان يتوقع أن يتم التغلب عليها مع إنشاء جهاز قطر للاستثمار عام 2005، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
وذكروا أن قطر اعتادت اتخاذ قرارها الاستثماري قبل تأسيس الجهاز عبر مجموعة ضيقة ومحدودة للغاية من أصحاب الثقة، وكانت تلك المجموعة تفتقد الكفاءة المطلوبة لاتخاذ أي قرار استثماري حقيقي، ربما لعوامل ترتبط بعدم امتلاكها الخبرة الكافية، أو لحداثة عهدها بهذا المجال المعقد، وأيضا لحداثة تجربة قطر الاقتصادية ككل.
بدورها، قالت جاين كينينمونت كبيرة الزملاء الباحثين ونائبة رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد "تشاتام هاوس" الدولي للأبحاث، ومقره لندن، لـ"الأمانية": الخطوط الجوية القطرية قد تضررت بشدة واضطرت إلى خفض أسعارها لأن المسارات إلى الدول المجاورة كانت مهمة بالفعل، إلا أنهم يحاولون إطلاق مسارات جديدة".
وأكدت أن مشكلة قطر تتمثل في جذب استثمارات إلى القطاعات غير المرتبطة بالطاقة، كما أنها تسعى إلى تطوير السياحة وكثير من الأنشطة المرتبطة بكأس العالم.
من جهته، قال أندرياس كريج المحلل في معهد "كينجز كولدج" في لندن لـ"الفرنسية"، إن اقتصاد قطر "عانى على عدة جبهات؛ إذ إن الوسائل اللوجستية (لمواجهته) أكثر تكلفة على المدى القصير".
وأكثر الآثار سلبية أصابت قطاع العقارات، إلى جانب السياحة، وكذلك مجموعة الخطوط الجوية القطرية، التي من المتوقع أن تعلن عن خسائر بعد اضطرارها لاتباع مسارات أطول لتفادي أجواء السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وتراجعت أعداد زوار قطر بنحو 20 في المائة، وانخفضت الرحلات إلى الدوحة بمعدل 25 في المائة ورحلات الخطوط القطرية بنحو 20 في المائة، وفقا لمؤسسة "كابيتال إيكونوميكس".
وأشارت المؤسسة إلى أن خسائر قطاع السياحة تقدر بنحو 600 مليون دولار، بينما تراجعت أسعار العقارات بنسبة 10 في المائة.
وقال مانداجولاثور راجو رئيس الأبحاث في مركز الكويت المالي إن مركزه يقدر خسائر الخطوط الجوية القطرية بنحو ثلاثة مليارات دولار.

*وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات