الطاقة- النفط

تقرير دولي: «دبلوماسية الطاقة» السعودية الروسية تعيد الاستقرار التدريجي للأسواق

تقرير دولي: «دبلوماسية الطاقة» السعودية الروسية تعيد الاستقرار التدريجي للأسواق

أكد تقرير "شيب آند بونكر" الدولي أن التنسيق السعودي الروسي في أفضل حالاته وهو ما أكدته مباحثات الرياض الأخيرة، مشيرا إلى تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية التي أكد فيها على أن التزام المنتجين بخفض الإنتاج سيستمر حتى وإن تجاوز الأمر استعادة التوازن الكامل في السوق، معتبرا أن هذا الأمر أفضل من التسرع في الخروج من الاتفاق بالارتكاز على بيانات غير موثوقة بشكل كامل بشأن مستوى المخزونات.
ونوه التقرير الدولي - المعني بالمخزونات والشحن - إلى توافق الآراء بين السعودية وروسيا بشأن التعامل مع السوق في المرحلة الراهنة خاصة بعد التحسن في مستوى الأسعار وتقلص فائض المخزونات، لافتا إلى تمسك المنتجين في "أوبك" وخارجها بالحفاظ على اتفاق خفض الإنتاج حتى يتم التأكد تماما من عودة المخزونات واستقرارها بشكل كامل عند المستوى الملائم لاحتياجات الصناعة.
وبحسب التقرير فقد أكد الفالح على الحاجة إلى مزيد من جهود التنسيق بين المنتجين لضبط المخزونات وتوفير علاج جذري لحالة وفرة وتخمة الإمدادات بالسوق، كاشفا عن احتمال إقرار قياسات جديدة لمستوى المخزونات وتحديد الفترة التي يمكن للمخزونات فيها تغطية احتياجات الطلب على النفط.
ونقل التقرير عن إلكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي أن التعاون مع السعودية وبقية منتجي "أوبك" وخارجها أمر حيوي لأن وفرة المعروض ما زالت قائمة وكثير من براميل النفط تجد صعوبة في الحصول على مشترين وهو ما قد يعد مؤشرا على أن الأسعار قد تهبط عاجلا أو آجلا ما لم يتدخل المنتجون بإجراءات أكثر قوة وفاعلية لضبط العلاقة بين العرض والطلب.
في سياق متصل، قال تقرير "وورلد أويل" إن حجم المخزونات النفطية في الاقتصادات المتقدمة بلغ نحو 60.6 يوما من الطلب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، مشيرا إلى أن هذا المستوى يتماشى بالفعل مع متوسط الخمس سنوات.
وأضاف التقرير أنه بعد عام من خفض الإنتاج أصبحت "أوبك" وروسيا في النهاية قريبة من هدفهما المتمثل في تقليص مخزونات النفط المتضخمة في العالم ورغم ذلك فهناك تفكير في خطط وبدائل جديدة للتعامل مع السوق بفعل التفاهمات الواسعة الحالية بين السعودية وروسيا اللتين بدأتا في تدشين دبلوماسية جديدة تخدم الاقتصاد العالمي وتعزز وضع المنتجين.
وأوضح التقرير أن التحالف الذي يضم 24 دولة نجح في خفض المخزونات النفطية إلى متوسط خمس سنوات وهو هدف يكاد يكون متوافقا مع البيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، ومع ذلك، تؤكد السعودية وروسيا أن الهدف لم يتحقق بعد وأن هناك حاجة إلى جهود أكثر كثافة بين المنتجين بقيادة الدولتين للقضاء على التشوهات التي تعاني منها السوق نتيجة سنوات من حالة الإمدادات العالية المفرطة والبيانات غير المستقرة.
وأشار التقرير إلى التوافق السعودي الروسي الواسع بشأن الحاجة إلى استمرار القيود المفروضة على العرض طوال عام 2018 يهدف إلى تحقيق مزيد من النجاح منوها إلى أن السعودية وروسيا تحرصان على بذل أقصى مجهود ممكن لتعافي السوق خاصة في الوقت الذي تعد فيه السعودية لإطلاق الطرح العام الأول لشركتها النفطية العملاقة "أرامكو" هذا العام.
ولفت التقرير الدولي إلى وجود بعض البيانات في السوق التي تشير إلى اكتمال جهود إعادة التوازن في السوق وهو أمر يتنافي مع تقديرات "أوبك" وشركائها المستقلين مضيفا أن بث هذه البيانات في التوقيت الراهن قد يسمح لبعض المنتجين بإنهاء ضبط النفس الذي فرضوه على أنفسهم.
إلى ذلك، توقع محللون نفطيون أن تواصل أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الجاري بعد أن اختتمت الأسبوع الماضي على تعاف وعودة إلى الارتفاع متجاوزة حالة من الضغوط القوية السابقة على الأسعار.
وأشار المحللون إلى أن الأسعار تتلقى دعما من هبوط الدولار ومن انتعاش أسواق الأسهم العالمية علاوة على تحسن مؤشرات الطلب والتمسك القوى من السعودية وروسيا بالالتزام بالمضي قدما في الحفاظ على اتفاق خفض الإنتاج وعدم التسرع في إنهائه مهما حقق من نتائج إيجابية للسوق.
وفى هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، دان بوسكا كبير الاقتصاديين في بنك "يوني كريديت"، إن السعودية وروسيا أكدا للسوق أنهما يتحركان وفقا لاستراتيجية ودبلومسية اقتصادية قوية وطويلة المدى وتتجاوز مصالح المنتجين وتهدف إلى تعزيز الاقتصاد العالمي بشكل عام وتحفيز النمو وتنشيط الاستثمارات.
ولفت بوسكا إلى أن تأكيد السعودية وروسيا على أن التسرع في التخارج من خفض الإنتاج غير مطروح نهائيا في هذه المرحلة وهو ما أدى إلى تعزيز أجواء الثقة في السوق في خطة تعامل كبار المنتجين لإنعاش الصناعة منوها إلى أن السعودية أكدت أنها لا تمانع في العمل بخفض الإنتاج حتى وأن تجاوز السوق مرحلة التوازن الكامل بين العرض والطلب.
ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه جروهس مدير شركة "إم إم آي سي" لخدمات الطاقة في ألمانيا، أن أسعار النفط الخام مرشحة لاستئناف المكاسب خاصة بعد اجتماع الرياض الأخير الذي كشف عن التفاهمات العميقة السعودية الروسية والتصميم المشترك على علاج وفرة المعروض معا واستعادة التوازن الكامل في السوق وذلك على الرغم من العوامل المضادة وفي مقدمتها التدفقات المتنامية في الإنتاج الصخري الأمريكي.
ونوه جروهس إلى أن الرؤية السعودية الروسية للسوق أعمق من مجرد تحقيق مكاسب مؤقتة قريبة وهذا ما يفسر عدم تأثر الاتفاق بما أعلنته مؤسسات مالية دولية من بلوغ "أوبك" وشركائهم المستقلين لأهدافهم المشتركة ومثال على ذلك تأكيد مجموعة سيتي جروب المصرفية الدولية أن مهمة دول "أوبك" وشركائهم قد أنجزت بالفعل، مشيرا إلى أن المخزونات النفطية تظهر وقد حققت بالفعل – وفق تقديرات المجموعة – هدف العودة إلى المتوسط على مدى خمس سنوات.
ومن ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن التقارب السعودي الروسي أسهم في نقل السوق النفطي نقلة نوعية كبيرة خاصة في ضوء اللقاءات المتكررة والناجحة بين الجانبين على أعلى المستويات والتأكيد دائما على خطة عمل مشترك تقوم على صالح اقتصادي البلدين وصالح المنتجين والمستهلكين عموما.
وأضاف هوبر أنه بات من المؤكد أن خفض الإنتاج والمعروض النفطي سيستمر على مدار العام الجاري مع تطوير الأداء وأشكال التعاون في السنوات التالية والاعتماد على آليات أكثر فاعلية ودقة في قياس الصادرات والمخزونات على السواء.
ولفت هوبر إلى أن منتجي النفط الصخري الأمريكي مدينون بالفضل إلى "أوبك" وروسيا بعدما أدى خفض الإنتاج إلى إنقاذ صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة علاوة على جعلها أكثر صلابة ومرونة أيضا معتبرا أن "أوبك" لم تسع أبدا إلى ما يسمى بـ "كسر ظهر الصخري"، بل ترى فيه موردا مهما مكملا لمنظومة الطاقة وأن ما تطلبه حاليا هو ترشيد وضبط الإنتاج حتى لا تعطل هذه الوفرة جهود استعادة التوازن في السوق.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت قليلا في ختام تعاملات الأسبوع الماضي منهية الأسبوع على مكاسب، بدعم من انتعاش أسواق الأسهم العالمية وضعف الدولار الأمريكي وهو ما ساعد الخام على التعافي من هبوط حاد الأسبوع الماضي.
وأنهت عقود برنت جلسة التداول مرتفعة 51 سنتا، أو 0.79 في المائة، لتبلغ عند التسوية 64.84 دولار للبرميل، وأنهى خام القياس العالمي الأسبوع على مكاسب تزيد على 3 في المائة بعد هبوط بلغ أكثر من 8 في المائة في الأسبوع قبل الماضي.
وصعدت عقود خام غرب تكساس الوسيط 34 سنتا، أو 0.55 في المائة، لتبلغ عند التسوية 61.68 دولار للبرميل بعد أن لامست أثناء الجلسة 61.94 دولار، وهو أعلى مستوى في ثمانية أيام، وأنهى خام القياس الأمريكي الأسبوع مرتفعا أكثر من 4 في المائة بعد أن مني بخسائر بلغت نحو 10 في المائة الأسبوع قبل الماضي.
وأضافت شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية للأسبوع الرابع على التوالي حتى رغم تراجع أسعار الخام من أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات على مدى الأسبوعين الماضيين، مع قيام مزيد من شركات الحفر النفطي بزيادة خططها للإنفاق لعام 2018.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر أضافت سبعة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 16 شباط (فبراير) ليصل إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 798 وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015".
وهذه هي المرة الأولى منذ حزيران (يونيو) التي يرتفع فيها عدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة لأربعة أسابيع متتالية، وعدد الحفارات النفطية الأمريكية، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 597 حفارا، مع مواصلة شركات الطاقة زيادة الإنفاق منذ منتصف 2016 عندما بدأت أسعار النفط تتعافى من انهيار استمر عامين.
وأفاد تقرير "بيكر هيوز" أن إجمالي عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي قيد التشغيل في أمريكا بلغ 975 في السادس عشر من شباط (فبراير) مقارنة بـ 876 حفارا في 2017، و509 حفارات في 2016، و978 حفارا في 2015، وتنتج معظم هذه الحفارات النفط والغاز كليهما.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط