Author

بعض إشكالات المنشآت الصغيرة

|

طرحت مقالة الأسبوع الماضي دور المنشآت الصغيرة في الاقتصاد وضرورة الرفق بها لأهميتها القصوى لمعيشة قطاع واسع من السكان وللاقتصاد ككل. وتتطرق هذه المقالة لعدد من الإشكالات التي يرويها بعض ملاك الأعمال أو المنشآت الصغيرة نتيجة للتغيرات الكثيرة في الأنظمة الحكومية التي حدثت أخيرا. ويتحدث عديد من ملاك المنشآت الصغيرة عن زيادة ملحوظة في الرسوم الحكومية والالتزامات المالية، إضافة إلى تغيرات وتشدد في الإجراءات الرسمية البلدية والحكومية تجاهها. ويشتكي عديد منهم زيادة معتبرة في تكاليف إنشاء وممارسة الأعمال الصغيرة، ما تسبب في إقفال عديد من هذه المنشآت. ويتسبب تغيير الأنظمة كثيرا من الأحيان في زيادة تكاليف بدء وتشغيل الأعمال صغيرها وكبيرها.
تعد تكاليف التأسيس من أبرز معوقات وتكاليف بدء المشاريع خصوصا الصغيرة جدا منها, وكلما ازدادت الرسوم الحكومية أو تشددت شروط الدخول إلى الأسواق أمام المبتدئين محدودي الموارد تراجعت قدراتهم على إنشاء الأعمال. وقد ذكر لي أحد من ولجوا حديثا في سوق الوساطة العقارية أنه دفع في حدود ثمانية آلاف ريال فقط كرسوم للسجل العقاري والرسوم البلدية ومتطلبات رسمية أخرى. وقد يرى البعض أن هذا المبلغ صغير، ولكنه كبير بالنسبة لعدد كبير من المبتدئين. وفي حالة أخرى، ذكر شخص تقبل "اشترى" من شخص آخر بقالة أو تموينات بمبلغ بسيط هو 18 ألف ريال، ولكنه تعرض لتفتيش مفاجئ من قبل مندوب البلدية الذي حمله غرامات ومخالفات بمبلغ 25 ألف ريال، أي أكثر من القيمة التي اشترى بها التموينات. وفي حالة ثالثة تفيد إحدى مالكات المشاغل بتزايد أعباء تشغيل منشآتها بما في ذلك دفع رسوم البلدية على النشاط، وكذلك رسوم السجل التجاري، ورسوم الشعار "اللوجو"، إضافة إلى رسوم تشغيل العمالة المقيمة التي ارتفعت كثيرا خلال السنوات الماضية، وكذلك تكاليف الاشتراكات في التأمينات الاجتماعية، ومخصصات الزكاة التي تفرض على رأس المال بكامله بدلا من فرضها على الأصول السائلة للمنشأة حسب ما تقتضيه المتطلبات الشرعية. وتضيف مالكة المشغل والعاملة فيه أن الأنظمة البلدية هي أكبر معوقات العمل في المشاغل، حيث تتغير مرارا وتخضع لتفسيرات مختلفة، ما يعوق العمل ويقود إلى دفع غرامات في بعض الأحيان ويرفع تكاليف تشغيل المنشأة ويقلل العائد عليها.
يذكر أحد ملاك الشقق المفروشة أن هناك زيادة واضحة في تكاليف إدارة عمارته، حيث تحدث عن سريان الرسوم البلدية على بنايته، كما أنه يتحمل رسوم تصنيف من هيئة السياحة تتجاوز 25 ألفا. ولا يقتصر الأمر على ذلك فهناك أيضا رسوم السجل التجاري المدرجة تحته المنشأة. ويورد المالك أن متطلبات توطين الوظائف بدأت في الازدياد، وأنها فوق قدرة منشأته على التوظيف. ويعمل هذا الشخص في منشأته ويوظف أربعة أشخاص في الاستقبال وأعمال الصيانة والنظافة، ويتشكي أن متطلبات التوطين تطالبه في الوقت الحالي بتوظيف ثلاثة مواطنين كرجال أمن في منشأته، إضافة إلى ضرورة وجود مواطن في الاستقبال الأوقات كافة، وهو ما يعني ضرورة توظيف ثلاثة آخرين في الاستقبال. من جهة أخرى، يجري حديث في الوقت الحالي عن أن هناك توجها لمنع عمل الشقق المفروشة على شوارع 30 و36 مترا، وهذا سيلحق الضرر بمستثمري الشقق المفروشة على هذه الشوارع، الذين يرتبط كثير منهم بعقود إيجار طويلة مع ملاك العقارات ويعرضهم لخسائر فادحة. وفي حالة تحويل هذه المباني إلى شقق سكنية فإن هذا سيزيد من الضغوط على الإيجارات السكنية المتراجعة في الوقت الحالي. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تمنع تصاريح الشقق المفروشة عندما كانت تنتشر بسرعة أيام ارتفاع الإيجارات السكنية بقوة خلال السنوات الماضية؟ بينما تلغى التصاريح الحالية المعمول بها حاليا ما يتسبب في زيادة ضغوط نزول الإيجارات. وإذا طبق هذا القرار بالفعل فإنه سيرفع الطلب على الشقق المفروشة التي تلبي المتطلبات الجديدة وزيادة تكاليفها على المستهلك. إن مسألة التوقيت السليم لتغيير السياسات يكتسب أهمية قصوى من حيث التأثيرات السلبية والإيجابية على القطاعات الاقتصادية ورفاهية السكان، حيث قد تقود إلى نتائج غير محمودة كان بالإمكان تجنبها لو فرضت في وقتها المناسب.
الحالات السابقة مجرد أمثلة على ما يحدث هذه الأيام بالنسبة للمنشآت الصغيرة التي يفيد ملاكها أيضا بعدم استفادتهم من أي دعم حكومي أو مؤسسي معين "من الغرف التجارية أو من صناديق التمويل أو القطاع الخاص الربحي وغير الربحي". ويأخذ الدعم عدة أشكال، حيث يمكن أن يكون فنيا أو مهنيا أو معلوماتيا أو تمويلا. وتعد مجالات الدعم آنفة الذكر ضرورية لتطوير وتشجيع المنشآت الصغيرة وتهيئتها لزيادة القيمة المضافة والنمو وتوفير الوظائف. كما ينبغي قدر الإمكان مراعاة أوضاع هذه المنشآت خصوصا الصغيرة جدا منها، وتجنب زيادة التكاليف عليها قدر الإمكان بل ينبغي العمل على خفضها.

إنشرها