Author

إدارة التغيير في زيارة ولي العهد لمؤسسة تحلية المياه

|

ضجت القنوات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بأخبار الزيارة المفاجئة للأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، ومقابلته العاملين فيها ولقائه معهم. والحديث عن هذه الزيارة يطول، لكن من الأهم الإشارة إلى بعض معانيها، فمن جهة فإن الخطط الاستراتيجية تحتاج إلى متابعة وإشراف وتحفيز وتطوير، والأهم من كل هذا هو إدارة التغيير الذي تحتاج إليه الخطط الطموحة، وإدارة التغيير من العلوم الحديثة في الإدارة، وتتطلب من المخطط الاستراتيجي متابعة تنفيذ الخطط التي وضعها، فالتنفيذ أمر يكتنفه كثير من المواقف التي تمنع تحقيق الأهداف المخطط لها، ومن ذلك غياب التأثير المباشر لراسمي الخطط وتفاعلهم مع المنفذين، أو غموض الخطط والحاجة إلى شرحها مباشرة دون عوائق أو حواجز، أو سوء فهم للخطط، وما يحتاج إليه ذلك من تصحيح المفاهيم واستعادة المسار، كما تتعرض الخطط إلى عوائق من بينها انخفاض الأداء أو تأخير الاستجابة أو ضعف الحماس، والأخطر هو مقاومة التغيير للمقاومة نفسها وعدم الرغبة في التحولات الجديدة. وأحيانا تأتي المقاومة بسبب الخوف من التغيير فقط أو الجهل بتبعاته. وزيارة ولي العهد إلى الجهات المختلفة وآخرها المؤسسة العامة لتحلية المياه تدل على منهج إدارة التغيير الذي يتبعه، كعراب وراسم لخطط التحول في المملكة والتغيير الذي تمر به البلاد. فلم تكن زيارته تلك هي الأولى، ولقد زار عديدا من المواقع والمؤسسات، ووقف على كثير من الأمور وشجع وساند ووضح وشرح، ومع ذلك فإن الزيارة الأخيرة للعاملين في «تحلية المياه» أخذت بعدا أكبر. فالزيارة كما ظهرت في الإعلام لم تكن ذات بروتوكولات بل زيارة مفاجئة وعفوية، ولم تكن تلك الزيارة من باب الرقابة بل من باب الشكر والتحفيز، وكان يمكن أن تكون الزيارة عبارة عن حفل خطابي وبرنامج كبير، لكن زيارة بهذا الشكل لم تكن تحقق مقاصد ومفاهيم إدارة التغيير التي يتبعها ولي العهد، فالقائد الحقيقي ينزل إلى الميدان بلا حواجز، ويتابع أعمال التنفيذ مع العاملين مباشرة، وأثناء عملهم الاعتيادي، ويستمع لهم ويستمعون منه مباشرة ليفهموا ما يريد إنجازه، ويعرف ما يقلقون بشأنه. ولقد جاءت الزيارة من نوع إدارة التغيير، لكن مع تحفيز كبير وإشادة من ولي العهد بالعاملين مباشرة دون خطابات معدة عن بعد أو شكر من مكاتب الرؤساء التنفيذيين، وهذا هو أبلغ مستويات إدارة التغيير. لقد عبر ولي العهد عن شكره وتقديره للعاملين في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، على ما حققته المؤسسة من زيادة في الإنتاج من 3.5 مليون متر مكعب إلى خمسة ملايين متر مكعب خلال العامين الماضيين دون أي زيادة في التكاليف على رفع كفاءة التشغيل وعلى جهود المؤسسة في استخدام أبحاث ودراسات معهدها لرفع كفاءة محطاتها العاملة، وزيادة إنتاجها في جميع المحطات في المملكة، والتزامها برامج "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول الوطني 2020. ومن مضامين زيارة الأمير محمد بن سلمان إشارة واضحة إلى عزمه الكبير على تحقيق "رؤية المملكة 2030"، وأنه سيكون في الميدان مع كل من يستحق التحفيز، وسيكون في الوقت المناسب مع كل من يريد فهم المسار أو لديه غموض أو يشعر بالقلق، فالخطط طموحة للغاية، ومع هذا الطموح الكبير قد ينتاب بعضا منا قلق التغيير ورهبة حجم الإنجاز المطلوب، ولهذا جاءت زيارة المؤسسة العامة للتحلية لتثبت بصدق أنه يمكننا العبور نحو عصر لم نكن نتوقع أن نصل إليه يوما، لكن هذا يحتاج منا إلى إعادة اكتشاف الذات والقدرات. ولقد استطاعت المؤسسة العامة للتحلية بسواعد سعودية مخلصة أن تقفز بالإنتاج إلى أكثر من الضعف ودون أن تزيد التكلفة ريالا واحدا، فالطموح مهما بدا لنا ضخما يمكننا إنجازه.

إنشرها