الطاقة- النفط

لأول مرة منذ 4 سنوات .. النفط يعتلي 71 دولارا للبرميل

لأول مرة منذ 4 سنوات .. النفط يعتلي 71 دولارا للبرميل

بلغ خام برنت 71 دولارا للبرميل أمس للمرة الأولى منذ عام 2014 في ظل استمرار تراجع الدولار وانخفاض مخزونات الخام الأمريكية للأسبوع العاشر على التوالي، إضافة إلى تخفيضات الإنتاج الحالية التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا.
وبحسب "رويترز"، فقد بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت أعلى مستوى خلال الجلسة عند 71.05 دولار للبرميل، وهو أعلى سعر منذ مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2014، قبل تراجعها إلى 70.86 دولار للبرميل لتسجل ارتفاعا قدره 32 سنتا أو 0.5 في المائة عن الإغلاق السابق.
وسجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 66.35 دولار للبرميل، وهو أيضا أعلى مستوى منذ مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2014، قبل أن تنخفض خلال الجلسة إلى 66.14 دولار للبرميل، لتسجل ارتفاعا نسبته 0.8 في المائة عن سعر آخر تسوية.
وتلقت الأسعار دعما من استمرار تخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك" وروسيا، أكبر منتج للنفط في العالم، وبدأت التخفيضات العام الماضي وتستمر حتى نهاية عام 2018.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن مخزونات النفط هبطت للأسبوع العاشر على التوالي مع استمرار تراجع مستوى المخزونات في كاشينج بولاية أوكلاهوما إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات، بينما زادت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وهبطت مخزونات الخام بمقدار 1.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 19 كانون الثاني (يناير) مقارنة بتوقعات محللين لانخفاض قدره 1.6 مليون برميل.
وعند 411.6 مليون برميل، تبقى مخزونات الخام عند أدنى مستوى منذ شباط (فبراير) 2015 وتمثل سلسلة الانخفاضات التي بدأت أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) رقما قياسيا بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة التي تعود إلى عام 1982.
وقالت إدارة المعلومات إن مخزونات الخام في مركز تسليم عقود النفط الآجلة في كاشينج بولاية أوكلاهوما انخفضت بمقدار 3.2 مليون برميل إلى 39.2 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ كانون الثاني (يناير) عام 2015.
ويأتي الانخفاض المطرد في المخزونات الأمريكية على الرغم من تزايد الإنتاج إلى 9.9 مليون برميل يوميا، وهو رقم غير بعيد عن أعلى مستوى على الإطلاق الذي بلغ 10.04 مليون برميل يوميا في عام 1970، على الرغم من تراجع معدل استهلاك الوقود في المصافي.
وارتفعت مخزونات البنزين بمقدار 3.1 مليون برميل، مقارنة بزيادة قدرها 2.5 مليون برميل في توقعات المحللين الذين استطلعت آراؤهم.
ووفقا لبيانات الإدارة، ارتفعت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة بمقدار 639 ألف برميل مقارنة بتوقعات بانخفاض قدره 1.5 مليون برميل، وتراجع صافي واردات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي بمقدار 71 ألف برميل يوميا إلى 6.63 مليون برميل يوميا.
إلى ذلك، أكد تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي أن التعاون السعودي الروسي في مجال الطاقة أصبح أكثر قوة؛ إذ يعتمد على الشراكة الاستثمارية الواسعة، وأيضا التحالف الجيوسياسي، وهو نقلة نوعية في العلاقات بين المنتجين الكبيرين القائدين لسوق الطاقة في العالم.
وأشار التقرير الدولي إلى أن روسيا حققت مستوى جيدا في التقيد الصارم بالتخفيضات الإنتاجية التي اتفقت عليها مع دول منظمة أوبك، وهو ما جعل أسعار النفط الخام تحقق نموا قويا في الفترة الاخيرة، لافتا إلى أن تعافي الأسعار دعم اقتصادات الدول المنتجة بشكل عام وروسيا بشكل خاص.
وأوضح التقرير الدولي أن موسكو حققت بعض الخطوات غير العادية في استراتيجيتها للطاقة في العام الماضي، وذلك بعد أن اعتمد اتفاق التعاون مع "أوبك" لخفض المعروض النفطية في نهاية عام 2016، الذي يقضي بأن تخفض روسيا نحو 300 ألف برميل يوميا من إنتاج الخام.
واعترف التقرير بأن تخفيضات الإنتاج لم تلق قبولا واسعا من شركات الطاقة الروسية الخاصة؛ لأن هذه التخفيضات اضطرت تلك الشركات إلى إقفال عدد من المشاريع الجديدة في سيبيريا، ولكن الجميع مضطر إلى الاستجابة إلى التوجهات الجديدة للحكومة الروسية.
ولفت التقرير إلى انتعاشة إنتاجية في قارة إفريقيا خاصة نيجيريا التي بدأ إنتاجها في الارتفاع بسرعة متعافيا من التوترات السياسية في البلاد، كما دخلت دول أخرى على خريطة الطاقة في القارة خاصة السنغال وموزمبيق التي يوجد بهما عدد من المشاريع النفطية الجديدة والقوية.
وأوضح التقرير أن عام 2017 كان إيجابيا إلى حد كبير على المنتجين، خاصة في إفريقيا، في الوقت الذي لا تزال فيه نيجيريا وأنجولا تتصدران المشهد في مجال الهيدروكربونات في إفريقيا، مشيرا إلى أن الاكتشافات في مجالي النفط والغاز تحافظ على تحقيق الارتفاع المتواصل.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، دان بوكسا كبير الباحثين في بنك "يوني كريديت" في بريطانيا، إن منظمة "أوبك" لديها رؤية استراتيجية جيدة لتطورات السوق النفطية، حيث أكدت من البداية أنها لا تستهدف الأسعار، ولكنها تعمل على إصلاح الأساسيات، وفي مقدمتها علاج فائض المخزونات النفطية.
وأوضح بوكسا أن حالة من الجدل سادت في السوق عقب الارتفاعات القياسية للأسعار، وزادت التكهنات حول إنهاء اتفاق خفض الإنتاج، ولكن المنتجين في اجتماعهم أخيرا في مسقط فاجأوا السوق بتمسكهم بالحفاظ على التخفيضات، والأكثر من ذلك إبرام اتفاقيات جديدة للسنوات المقبلة، لافتا إلى أنه على أية حال حتى لو أنهت "أوبك" وشركاؤها العمل بالاتفاق فإن الأمر سيتم بشكل سلس وتدريجي، حسبما أكدت السعودية وروسيا.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، نيك كونجهام المحلل في "أويل برايس"، إنه من المتوقع أن تزيد شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة من إنتاجها هذا العام بوتيرة غير مسبوقة للاستفادة من ارتفاع الأسعار التي تؤدي إلى تحولات واسعة في الصناعة لأول مرة.
ويتوقع كونجهام أن صناعة الصخري الأمريكي قد تعيد سيناريو الفيضان الأول في عام 2014، مشيرا إلى أن المخاوف تتركز في أن الإنفاق سيتجاوز كثيرا الأرباح مثلما حدث سابقا، حيث أنفقت صناعة النفط الصخري الزيتي 265 مليار دولار أكثر مما أنتجته منذ عام 2010.
وأضاف كونجهام أن هذا الأمر أدى سابقا إلى انهيار أسعار النفط وإلى انكماش عميق وحدوث كثير من حالات التسريح والإفلاس. مشيرا إلى أن منتجي النفط الصخري يعملون على خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق مكاسب كبيرة في الكفاءة.
ومن ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه يانييف المحلل البلغاري، أن السعودية وروسيا أكدا على ثقتهما التامة بأن نمو الطلب سيلتهم أي زيادات حادة في الإمدادات الأمريكية، مضيفا أن الأسعار لن تعود للانخفاض، مؤكدا أن هذه الرؤية الإيجابية هي الأقرب للتحقق خاصة أننا نشهد استمرار تراجع المخزونات الأمريكية للأسبوع العاشر على التوالي.
ويشير يانييف إلى أن هذه الرؤية الإيجابية للسوق ليست قاصرة على السعودية وروسيا، بل تدعمها رؤية صندوق النقد الدولي الذي عدل توقعاته بزيادة معدل نمو الاقتصاد العالمي للعامين الحالي والمقبل، وهو ما يمكن ترجمته في مستويات جيدة وقياسية متوقعة في الطلب على الخام خاصة من الاقتصادات الصاعدة بقوة في آسيا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط