Author

رسوم الأراضي البيضاء والإفصاح عن الأثر

|

عانت السوق العقارية وما زالت تعاني عدم التوازن بين العرض والطلب خاصة عند مستوى الأراضي المطورة، وهذه المشكلة تسببت في ارتفاع أسعار الأراضي بشكل قياسي غير مسبوق. وقد تنوعت الأسباب بشكل كبير، من بينها احتكار الأراضي عند مستوى الخام والتوقف عن تطويرها، أو تطوير جزء وترك جزء، زيادة عدد السكان بشكل لم تعد صناديق الحكومة قادرة على منح وتمويل الأراضي بما يسد الفجوة، وكحل لجانب العرض صدر برنامج رسوم الأراضي البيضاء الذي تم تطبيقه خلال عام 2017 على مراحل بدأت بمدن الرياض وجدة وحاضرة الدمام، حيث أصدرت وزارة الإسكان 1500 أمر سداد رسوم على أراض بيضاء، بمساحة تجاوزت 400 مليون متر مربع داخل النطاق العمراني المحدد من قبل الوزارة.
من المهم جدا أن يتم تقييم أثر فرض رسوم على الأراضي البيضاء على المشكلة التي سعت لحلها وهي فك احتكار الأراضي والتشجيع على تطويرها، وقد أفصحت وزارة الإسكان بهذا الشأن أنها رصدت تطوير نحو ثلاثة ملايين متر مربع في مدينة الرياض وحدها، وهذا مؤشر جيد على أن السوق العقارية استجابت للهدف من هذه الرسوم رغم أنه من الصعب الحكم على هذا بشكل نهائي فالحكم النهائي هو في انتقال هذه الأراضي إلى المستهلك النهائي وتحولها مساكن، فلا يزال الموضوع يحتاج إلى متابعة، وقد تطلب الأمر الانتقال سريعا إلى المراحل التي تتطلب فرض رسوم على الأراضي البيضاء ولو كانت مطورة. ذلك أن هناك احتمالا للتهرب من الرسوم من خلال التطوير بينما يتم عرضها بأسعار لا تمكن المستهلك النهائي من الشراء وفرض أسعار احتكارية، وتبقى المشكلة عالقة في مكانها. كما أن وزارة الإسكان لم تشر إلى أي أثر للرسوم على مستوى مدينتي جدة وحاضرة الدمام وهذا مقلق إلى حد ما. فمن جانب قد يكون هناك أثر ولم يتم رصده وهذا يتطلب من وزارة الإسكان بذل جهد أكبر في مجال الرصد ومتابعة حركة السوق العقارية وتحليل مسببات تلك التحركات. من جانب آخر قد يكون السبب هو عدم وجود أثر فعلا، وهنا يجب على الوزارة فهم أسباب ذلك قبل التحول للمرحلة الثانية، حيث إن فشل المرحلة الأولى دون معرفة الأسباب قد يتسبب في فشل المرحلة التالية. من المهم جدا للوزارة ولأهداف الرسوم أن يتم إيضاح الأثر والإعلان عنه بشكل واسع إذا كانت الآثار إيجابية، فمشكلة احتكار الأراضي متشعبة وفي كثير من المدن الأخرى لم يتم تطبيق برنامج الرسوم فيها بعد، فالنجاح في المرحلة الأولى سيوفر كثيرا من الوقت والجهد عند البدء بتطبيق البرنامج، حيث تبدأ السوق بالاستجابة الآن.
إضافة إلى ما سبق فإن اللائحة التنفيذية تؤكد أن على الوزارة إجراء مراجعة دورية للوضع في أي مدينة؛ وما نحتاج إليه اليوم هو صورة شاملة واضحة للسوق العقارية، ومستويات الاحتكار والأسعار وهل هناك تأثير مباشر واضح للرسوم عند مستوياتها ومراحلها الحالية وهل التقييم والتثمين كان مناسبا أم يحتاج إلى آليات أفضل حتى تعطي ثمارها في الواقع؟

إنشرها