default Author

أسباب تجنب رائدات المشاريع الاجتماعية للنماذج الربحية

|

وجود مشاريع نسائية في المجتمع يشجع رائدات المشاريع الاجتماعية على تبني مشاريع هجينة، فقد اكتشفت ناتاليا أوبيرتي نوجويرا عند تأسيسها مبادرة المشاريع المجتمعية للنساء الشابات في نيويورك، التي تضم أكثر من 1200 عضو، أمرا مزعجا. فعندما طرحت رائدات المشاريع المجتمعية أفكارهن على الجهات الداعمة المحتملة، أبدى الأشخاص حماسهم للتبرع لمصلحة تلك المشاريع، لكنهم سرعان ما تراجعوا عندما علموا أنها مشاريع ربحية.
وجدت أوبيرتي نوجويرا أن الوعي الاجتماعي مزدوج المعايير. "إذا ما صرحت المرأة بأنها ستعمل لتغير العالم إلى الأفضل، فإن أول الأمور التي تتبادر إلى الأذهان أنها ستطلق مشروعا غير ربحي، لكن لا ينطبق الأمر ذاته على الرجل".
يظهر عديد من الأبحاث أن تلك المعايير الاجتماعية تشكل المشهد الريادي بطرق تقلل من قدرة المرأة. ينتظر المجتمع من المرأة أن تكون شخصا مراعيا، لا يمتلك الصفات التي يتم ربطها برواد الأعمال الناجحين. والأهم من ذلك، هذه التوجهات ليست حكرا على الرجال: وجدت دراسة حديثة أن المختصين من كلا الجنسين يفضلون الأفكار التي يطرحها الرجال، حتى في حالة قيام المرأة بطرح الفكرة ذاتها.
لا تؤثر المعايير الاجتماعية فقط في طريقة تقييمنا لرواد الأعمال، بل تؤثر أيضا في سلوك رواد الأعمال أنفسهم. تناولنا في ورقة عمل بعنوان "ضبابية الحدود: تأثير جنس الشخص والمجتمعات المحلية في تحويل المشاريع الاجتماعية إلى ربحية"، تأثير تلك المعايير التي تفرق بين الجنسين، في قرار رائدات المشاريع المجتمعية بتبني نموذج عمل هجين.

لماذا النماذج الهجينة؟
نموذج العمل الهجين هو النموذج الذي يشارك فيه المشروع بأنشطة ربحية، لدعم رؤيته المجتمعية. يوفرهذا النموذج عدة مزايا. فبإمكانه تعزيز القابلية للتوسع من خلال تخفيض أو إلغاء اعتماد المشروع على التبرعات والدعم. كما يوفر نموذج العمل الهجين إمكانية الدخول إلى عالم "الاستثمار الاجتماعي" السريع النمو، الذي قدرت قيمته بـ77 مليار دولار في 2016. كما يعزز الالتزام في السوق ــ سيبدي العملاء الغاضبون ردودا أقل حدة مقارنة بالأشخاص متلقي الإعانة المستاءين الذين ليس لديهم شيء ليخسروه. لدراسة هذه الأمور قمنا بتحليل 584 طلبا لمسابقة مرموقة لمشاريع مجتمعية ناشئة في الولايات المتحدة. وبعد مراجعة مفصلة لتلك الطلبات، قمنا بتصنيف مستوى التسويق لكل مشروع على معيار من خمس درجات "1 لا توجد أنشطة ربحية، و5 أنشطة ربحية فقط".
أظهرت البيانات اعتماد المشاريع الاجتماعية التي أسستها نساء على التبرعات والهبات بشكل كلي. في حين كانت معظم المشاريع الربحية بغض النظر عن حجمها تحت إدارة رجال.
تماشيا مع القوالب النمطية المتعلقة بنوع الجنس والأعمال، تميل النساء من أصحاب المشاريع الاجتماعية بشكل أقل إلى اختيار نموذج عمل هجين مقارنة بنظرائهن من الذكور، لكننا وجدنا أيضا أن الفرق كان أقل بكثير في حال كانت المشاريع في مجتمعات تضم نسبة عالية من النساء في قطاع الأعمال.
يعد وجود سيدات أعمال بمنزلة منارة لرائدات المشاريع الاجتماعية لحسم قضية اتباع نموذج عمل ربحي. في حين وجود قيادات نسائية في قطاعات أخرى، مثل الكونجرس أو المنظمات غير الربحية - على سبيل المثال - ليس له مثل هذا التأثير. تتفق النتائج التي توصلنا إليها مع أبحاث حديثة أجراها راج شيتي وزملاء تربط مسألة الجنسين والجغرافيا بالإبداع: ترتقي المرأة بالمدن: احتمال توجه الفتيات إلى الابتكار يرتفع في المدن التي تحتضن عديدا من المخترعات.
تأثير أصحاب الشركات من النساء يمكن الشعور به بعدة طرق. باعتبارها نموذجا يحتذى به، فإنها قد تقلل من التحيزات الذاتية السلبية للمرأة ونزاعات الهوية. بعد انفتاح المجتمع على عدة تجارب نسائية في عالم الأعمال، سيتم النظر إلى مدى كفاءة سيدات الأعمال صاحبات المشاريع المجتمعية، ما يعطيهن ثقة بالنفس. وجدنا التأثير ذاته في دراسة مماثلة شملت 31.160 مؤسسة غير ربحية تأسست بين عامي 2001 و2003: فالمؤسسات النسائية غير الربحية تقل فيها احتمالات الربحية، ولكن الاحتمالات لم تكن منخفضة في المجتمعات المحلية التي تضم نسبة أعلى من الشركات التي تديرها النساء. مع ذلك، كشف تحليل هذه البيانات لاحقا أنه في المؤسسات التي حققت مستوى إيرادات أعلى، كانت معدلات نجاح المؤسسات النسائية غير الربحية أقل من تلك التي يقودها الرجال.
تقدم المشاريع المجتمعية الهجينة نموذجا متميزا لكيفية استغلال الأعمال كقوة إيجابية. فمؤسسات هجينة مثل بنك جرامين وتومس شوز على سبيل المثال، غيرت طريقة تفكيرنا فيما يخص أهداف العمل.
تعوق المعايير الحالية المبنية على أساس الجنس، مشاركة المرأة بشكل كامل في نماذج الأعمال المبتكرة، وتشير أبحاثنا إلى أن النساء اللواتي يعتبرن قدوة في مجتمع الأعمال باستطاعتهن مساعدة رائدات المشاريع الاجتماعية على تحقيق قفزة نحو التحول إلى الربحية. وأظهرت الدراسة أيضا أن تمكين المرأة هو مجرد بداية، فنجاح رواد الأعمال يتوقف أيضا على مدى قدرتهم على الوصول إلى الموارد والعلاقات، ومجموعة عوامل أخرى بدأها المجتمع أخيرا لاتخاذ إجراءات المساواة بين الجنسين.

إنشرها