default Author

الوصول إلى الفقراء «3 من 3»

|

خلصنا إلى وجود علاقة قوية معقولة بين ثروة الأسرة ومؤشرات نقص التغذية بين النساء والأطفال ـــ أي أن حالات نقص التغذية تميل إلى الانخفاض مع زيادة ثروة الأسرة. ومع ذلك، فإن نحو ثلاثة أرباع النساء اللواتي يعانين نقص الوزن والأطفال الذين يعانون نقص التغذية لا يقعون في نسبة الـ 20 في المائة لأفقر الأسر. ولا يقع نحو نصفهم في نسبة 40 في المائة الأفقر. وإضافة إلى ذلك، فإن البلدان التي تشهد معدلا كليا أعلى لنقص التغذية هي غالبا تلك التي تكون فيها نسبة أكبر من الأفراد الذين يعانون نقص التغذية من أسر غير فقيرة.
وهناك تفسيرات محتملة عديدة لهذه النتائج. ولم يثبت أن الاختلال الديموغرافي بين الأسر الفقيرة وغير الفقيرة يمثل عاملا مهما، مثل أن يكون للأسر الفقيرة عدد أطفال أكبر من الأسر غير الفقيرة. وفي حين أن أخطاء القياس واردة بالتأكيد، فلا تشير الاختبارات التي أجريناها إلى أن هذا هو السبب الرئيس للنتائج التي توصلنا إليها.
ويسهم عدم المساواة داخل الأسرة الواحدة في تفسير سبب أن نسبة كبيرة من النساء والأطفال الذين يعانون نقص التغذية ينتمون لأسر غير فقيرة. ونخلص إلى أن نسبة كبيرة من النساء والأطفال الذين يعانون نقص التغذية يعيشون في أسر لا يعاني فيها رب الأسرة الذكر نقص الوزن ــــ على الرغم من أن رب الأسرة الذكر يعاني نقص الوزن وأفراد الأسرة الآخرون لا يعانونه في بعض الأحيان.
غير أن عدم المساواة داخل الأسرة ليس إلا جزءا من التفسير. ويتضح ذلك عندما نجري حساباتنا مرة أخرى بافتراض عدم وجود تفاوت داخل الأسرة (يعطي كل فرد من أفراد الأسرة حالة تغذية متوسطة للأسرة). وحتى في هذه الحالة، نخلص إلى أن نسبة كبيرة من النساء والأطفال الذين يعانون نقص التغذية لا يعيشون في أسر فقيرة على النحو المحدد في بيانات المسوح. ويبدو أن ذلك يرجع إلى أن الأسر الفقيرة وغير الفقيرة التي تعيش في مناطق محرومة غالبا ما تتقاسم البيئة الصحية نفسها وبالتالي تتعرض لمخاطر صحية مماثلة. ونخلص إلى وجود أدلة تتسق مع هذا التفسير باستخدام بيانات عن حالات المرض بين الأطفال في مختلف توزيعات ثروات الأسر.
لا تمثل المعلومات بالطبع العامل الوحيد الذي يؤثر في سياسات مكافحة الفقر، إذ يتعين كذلك مراعاة القيود التي تواجه ميزانيات الحكومات (التي تعكس أيضا قدرة الحكومات على زيادة الإيرادات)، وتأثيرات الحوافز (مثلا عندما يغيّر غير الفقراء سلوكهم للحصول على منافع موجهة إلى الفقراء)، والاقتصاد السياسي (عندما لا يدعم بعض الأفراد غير الفقراء الجهود الرامية إلى مساعدة الفقراء). ولكن لا يمكن إنكار أن المعلومات تمثل قيدا مهما. وعلى صناع السياسات أن يضعوا توقعات واقعية بشأن ما يمكن إنجازه في ضوء موثوقية البيانات المتاحة.
وتشير نتائجنا إلى أن مصادر البيانات القياسية عن الفقر ليست فعالة جدا في تحديد الأسر الفقيرة أو الأفراد الفقراء. وللوصول إلى النساء والأطفال الذين يعانون نقص التغذية، يتعين عند إجراء أي تدخل على مستوى السياسات إما الحصول على مزيد من المعلومات الفردية أو تنفيذ تغطية أوسع من السياسات الموجهة توجيها دقيقا إلى الأسر الفقيرة. ويصح ذلك الأمر تماما في البلدان التي تزيد فيها معدلات نقص التغذية.
وهناك إمكانية لاستخدام بيانات أفضل وأساليب أفضل، ولكن فكرة القضاء على الفقر بسهولة عن طريق التحويلات حسنة التوجيه إنما هي فكرة مفرطة في التفاؤل. ويصح ذلك الأمر حتى قبل أن نبدأ في التفكير في آثار الحوافز العكسية (الخطيرة ربما) التي يمكن أن تترتب على هذه السياسة.

إنشرها