Author

الصناديق التنموية السعودية .. محرك رئيس

|

من أهم ما تضمنته الميزانية العامة السعودية لعام 2018، أنها شملت إنفاقا توسعيا هو الأكبر على الإطلاق. والجانب المهم أيضا في هذا الإنفاق، دور صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الوطني. هذان المصدران يمثلان في النهاية حجر الزاوية في عملية التنمية ككل إلى جانب بالطبع المجالات والمصادر الأخرى فيها. وفي خضم مسيرة تنفيذ "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، ارتفعت أهمية الصندوقين، مع ضرورة الإشارة إلى أن الميزانية العامة اعتمدت آليات إنفاق جديدة تناسب التحولات العامة، وتتفق مع مخططات التنمية كلها، وهي مخططات -كما يعرف الجميع- تستهدف بناء اقتصاد وطني سعودي جديد يحاكي الحاضر والمستقبل بكل متغيراتهما واستحقاقاتهما. فالأموال التي يرصدها صندوق الاستثمارات العامة تصل إلى 80 مليار ريال، بينما التي يرصدها "صندوق التنمية" تبلغ 50 مليار ريال.
ومن أبرز معالم الإنفاق العام الهائل، أنه لن يكون إنفاقا استهلاكيا، بل استراتيجيا يسد المتطلبات، ويدفع مسيرة التنمية إلى الأمام بأشواط كبيرة. فمن أهم الأهداف الاستراتيجية في المملكة، أن يتم تنفيذ المخططات وفق أعلى معايير الجودة، وهذا يعني في المواعيد المحددة لها. وعندما يكون الإنفاق العام في طريقه الصحيح، تكون النتائج مضمونة وتخدم كل الأهداف. بما في ذلك، إطلاق قطاعات جديدة تسهم مباشرة في تنويع مصادر الدخل، وهذا التنويع يمثل هدفا رئيسا للبناء الاقتصادي المشار إليه، إلى جانب مخطط توطين التقنيات والمعارف المتقدمة، وهو محور رئيس أيضا لما يمثله من سيطرة على الحراك التنموي العالمي ككل، وبالطبع بناء الشراكات اللازمة التي تخدم الحراك كله، إضافة إلى سلسلة من المشاريع الاستراتيجية الأخرى.
وإذا ما نظرنا إلى هذه الأهداف والبرامج، نجد أنها تمثل "وقودا" مطلوبا للحراك الاقتصادي الوطني ومن هنا تأتي أهمية المبالغ التي رصدت من صندوق الاستثمارات العامة. والأمر نفسه ينطبق بصور أخرى على مخصصات صندوق التنمية الوطني، وهي تختص بالعام المقبل والأعوام اللاحقة في تقديم حوافز للاقتصاد السعودي، بما في ذلك بالطبع توفير رؤوس الأموال اللازمة التي "مرة أخرى" تسهم مباشرة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية. ومن أهم المزايا أيضا في مخططات الصندوق المذكور، أنه مسؤول مباشرة عن سلسلة من الصناديق التي تختص في الدرجة الأولى بالتنمية كصندوق العقار، وصندوق التنمية الاجتماعية، والصناديق الأخرى في مجالات الصناعة والزراعة وغيرها، أي أنه يدخل ضمن نطاق التنمية الاجتماعية إلى جانب التنمية في المجالات المحورية الأخرى.
ستكون مساهمة صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الوطني علامة فارقة على صعيد التحول الاقتصادي، خصوصاً أن دورهما المقبل في الميزانيات الوطنية سيتواصل، في ظل تحقيق الإنجازات المطلوبة. ومن هنا يمكن القول، إن الإنفاق الذي خصص في الميزانية العامة للعام المقبل، هو في الواقع إنفاق من أجل البناء الاستراتيجي، ودعم مصادر الدخل الوطني، وتأسيس مصادر أخرى لهذا الدخل. فالمملكة حققت في ميزانيتها الأخيرة قفزات كبيرة على صعيد التقليل من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للتمويل، حيث توازت تقريبا الإيرادات من هذا القطاع مع إيرادات من قطاعات اقتصادية استثمارية أخرى.

إنشرها