Author

حان الوقت لحماية معلمات التعليم الخاص

|

في البداية لا بد من الإشادة بجهود وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على إطلاقها مجموعة تحديثات لنظام "حماية الأجور" الذي يرصد عمليات صرف الأجور لجميع العاملين في القطاع الخاص، السعوديين والوافدين، ويقيس مدى التزام المنشآت بدفع الأجور في الوقت المحدد، وبالقيمة المتفق عليها بين أطراف التعاقد، وذلك لتقليص الخلافات بين العمالة والمنشآت. ولا شك أن هذا النظام سيسهم في حفظ حقوق العاملين في القطاع الخاص من السعوديين وغير السعوديين.
لقد أسعدني أن أقرأ عن هذا النظام والتحديثات التي طرأت عليه، خاصة بعد متابعتي للأوضاع المؤلمة للمعلمات في المدارس الخاصة. تعاني نسبة كبيرة منهن انخفاض الأجور، خاصة بعد انتهاء دعم صندوق الموارد البشرية، إضافة إلى سوء المعاملة والتهديد بالفصل من العمل لأبسط الأسباب، ما يعكر صفو الاستقرار الوظيفي للمعلمات السعوديات في هذا القطاع. ومن العجيب قيام بعض المدارس الأهلية بإنهاء عقود بعض المعلمات اللاتي أكملن سنوات الدعم المحددة من قبل صندوق الموارد البشرية - وهي خمس سنوات -، لعدم رغبتها في دفع الراتب كاملا. وفي بعض الحالات، يرضخ بعض المعلمات على قبول هذا الوضع، أي نصف الراتب 2500 ريال، لظروفهن المادية الصعبة وحاجتهن الماسة إلى الدخل الشهري!
هل تصدق - أيها القارئ الكريم - أن تتقاضى المعلمة في الشهر راتبا نحو 2500 ريال، تنفق نصفه على تكاليف النقل؟! تصحو في الصباح الباكر وتنطلق من منزلها – في الغالب – قبل بزوغ شمس الصباح، ثم تعود وتخوض زحام شوارع مدينة الرياض بعد ظهيرة كل يوم، لتحصل في نهاية الشهر على صافي راتب لا يتجاوز ألف ريال. أتحدث عن معلمات يحملن شهادات بكالوريوس، وبعضهن «ماجستير»! لا بد أنك تعرف - أيها القارئ الكريم - أن بعض المعلمات العاملات في القطاع الخاص يقمن بإعالة أسرهن أو إعالة أنفسهن نظرا لأوضاع أسرهن الصعبة.
أرجو أن تلتفت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى هذه الفئة بجدية وتتابع الممارسات غير النظامية التي ترتكبها بها بعض المدارس في حقهن، كأن تطلب من المعلمات التوقيع على تسلم رواتب أكثر مما يتسلمن فعليا في آخر الشهر. ويبرز في الذهن عديد من التساؤلات منها: كيف يمكن لهذه المعلمة أن تصمد وتستمر في العمل تحت هذه الظروف؟ وكيف نتوقع منها الإبداع في مهنتها، والعمل على تطوير نفسها مهنيا، إذا لم يتوافر لها الاستقرار الوظيفي؟!
لابد أن يبادر ملاك المدارس بتلبية احتياج المعلمات وذلك بزيادة أجورهن وعدم تحميلهن فوق طاقتهن، إما بزيادة نصاب الحصص لديهن، أو إجبارهن على دفع وجلب ما تحتاج إليه الفصول من مواد دراسية وألعاب تعليمية، فهذه من مهام المدرسة وليس من مهامهن، خاصة مع رواتبهن الضئيلة. ولا بد أن تمنح المعلمة الثقة، وتعامل على أنها مربية مسؤولة ومؤتمنة، دون الحاجة إلى استجواب – مستمر – للطالبات عما تفعل داخل الحصة وخارجها، ما يهز مكانتها في نفوس التلميذات ويزعزع ثقتها بنفسها!
وأخيرا، بعد الشكر لبعض المدارس التي بادرت بالالتزام بدفع رواتب تصل إلى 5000 ريال، فإن الحاجة ماسة إلى إعادة النظر في أجور المعلمات والعمل على تحسينها، لما لذلك من أثر كبير في المعلمة من جهة، وفي أداء رسالتها في تعليم أمهات المستقبل من جهة أخرى.

إنشرها