Author

3 أسابيع بفم مغلق

|

أجريت عملية جراحية قبل شهر تماما لخلع ضرس العقل. استغرقت العملية على غير المتوقع نحو 3 ساعات. عانيت بعد خروجي من العيادة من مشكلات عدة أبرزها Trismus أو ما يسمى عربيا (كزاز الفك)، أي عدم القدرة على فتح الفكين بسبب تقلص عضلات المضغ.
لم أكن قادرا على فتح فمي إلا قليلا وبمشقة كبيرة لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا. اعتمدت على السوائل طوال هذه الفترة. كان الكلام يسبب لي ألما هائلا. أما محاولة الأكل فقد كانت مهمة مستحيلة. رحلة شاقة وصعبة وقاسية وعسيرة. بتُ أخاف من إدخال أي قطعة طعام إلى فمي إثر المعاناة الكبيرة التي أتكبدها. أصبحت أغبط الناس الذين يأكلون بشكل طبيعي. نسيت كيف أستطيع أن أتناول الطعام. لا أنسى في أسبوعي الثاني عندما كافحت لإدخال ملعقة رز صغيرة إلى داخل فمي وفشلت، فتناثر الرز على الطاولة بعد أن ارتطم بأسناني في مشهد أثار شفقه جاري في المطعم وحزني على نفسي. بعد هذا الموقف المثير للشفقة أمسيت آكل لوحدي؛ حتى لا تتسبب مشاهدتي أذى للجيران.
لم أصدق لاحقا أنني تشافيت وعدت للأكل بشكل طبيعي. شعرت أنني أملك الدنيا وما عليها. عادت السعادة إلى محياي وأعماقي ورجعت علاقة الود بيني وبين الطعام ولله الحمد.
لكن تعلمت درسا مهما يكمن في أن لا شيء يضاهي الصحة في هذه الحياة. نحن ضعفاء للغاية. أمراض وأعراض بسيطة قد تسلبنا السعادة والشعور بالمتعة تجاه أي شيء.
تأثرت نفسيتي كثيرا طوال الأسابيع الثلاثة التي عانيت فيها حتى لو أظهرت خلاف ذلك.
علينا جميعا أن نحمده سبحانه إثر كل ما أغدق علينا فيه. ونتوقف عن التبرم والتضجر والنحيب. فتناولك للطعام لوحده نعمة محروم منها كثيرون. فما بالك بغيرها من النعم.
هل يجب أن تفقد النعمة حتى تدرك قيمتها؟
شكرك لله سبحانه وتعالى أثر نعمه وشعورك الداخلي بالتوفيق سيساعدك على تجاوز كثير من تحدياتك. وستعلم أنك محظوظ للغاية وأمامك فرص تستطيع اقتناصها غير متاحة لملايين.
افتح فمك يا صديقي وابتسم. فغيرك لا يستطيع القيام بذلك صدقني. "اسأل مجرب ولا تسأل طبيب".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها