الطاقة- النفط

«ناتشورال جاز وورلد»: طفرة النفط الصخري الأمريكي قد تنتهي بشكل مفاجئ

«ناتشورال جاز وورلد»: طفرة النفط الصخري الأمريكي قد تنتهي بشكل مفاجئ

خيم الحذر علي التعاملات في أسواق النفط أمس، وسط استمرار التوترات في الشرق الأوسط وبعد زيادة عدد الحفارات في الولايات المتحدة بما يشير إلى أن المنتجين يستعدون لزيادة الإنتاج.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت خمسة سنتات إلى 63.57 دولار للبرميل بحلول الساعة 0744 بتوقيت جرينتش. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أربع سنتات إلى 56.78 دولار للبرميل.
وأكد تجار أن أسعار النفط تلقى دعما بصفة عامة، إذ إن تخفيضات الإنتاج الحالية التي تقودها "أوبك" وروسيا أسهمت في خفض كبير لفائض المعروض الذي يضغط على الأسواق منذ عام 2014.
وقال تيميرا إنرجي للاستشارات أمس، "نزل فائض مخزونات النفط لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فوق متوسطها في خمس سنوات بأكثر من 50 في المائة في 2017 والمخزونات حاليا عند نحو 160 مليون برميل".
وتابع "إذا استمر الاتجاه الحالي فمن المرجح أن تعود المخزونات إلى متوسط خمس سنوات في وقت ما خلال 2018"، مشيرا إلى أن الطلب القوي أسهم أيضا في تقليص التخمة في السوق.
وتراجعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، لتواصل خسائرها لليوم الثاني على التوالي، تحت ضغط مخاوف تسارع إنتاج النفط في الولايات المتحدة لمستويات قياسية جديدة، خاصة بعد ارتفاع منصات الحفر والتنقيب بأسرع وتيرة في نحو خمسة أشهر، ويكبح الخسائر استمرار التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج العربي.
وانخفض الخام الأمريكي إلى مستوى 56.70 دولار للبرميل، بحلول الساعة 09:05 جرينتش، من مستوى الافتتاح 56.88 دولار وسجل أعلى مستوى 57.00 دولار وأدنى مستوى 56.63 دولار.
ونزل خام برنت إلى مستوى 63.50 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 63.66 دولار وسجل أعلى مستوى 63.76 دولار، وأدنى مستوى 63.29 دولار.
وفقد النفط الخام الأمريكي عند تسوية الجمعة نسبة 0.2 في المائة، في ثالث خسارة خلال أربعة أيام، بفعل تصاعد المخاوف بشأن تخمة المعروض في الولايات المتحدة، وفقدت عقود برنت أيضا نسبة 0.2 في المائة.
وعلى مدار الأسبوع الماضي حققت أسعار النفط ارتفاعا بنسبة 2.2 في المائة، في خامس مكسب أسبوعي على التوالي، ضمن أطول سلسلة مكاسب أسبوعية منذ أيلول (سبتمبر) 2016، بفعل توتر السياسة الداخلية والخارجية للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، إضافة إلى تعهد السعودية بخفض الصادرات الشهر المقبل لدعم السوق.
وفي الولايات المتحدة أعلنت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية يوم الجمعة الماضي، ارتفاع منصات الحفر في البلاد بمقدار تسع منصات، بأكبر زيادة أسبوعية منذ الأسبوع المنتهي في 23 حزيران ( يونيو) الماضي، ليصبح إجمالي المنصات العاملة حاليا 738 منصة.
وتعزز هذه الزيادة من احتمالات تسارع إنتاج النفط الأمريكي لمستويات قياسية جديدة، فقد زاد الإنتاج خلال الأسبوع المنتهي 3 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري بمقدار 67 ألف برميل يوميا، في ثالث زيادة أسبوعية على التوالي، مسجلا مستوى قياسيا جديدا عند 9.62 مليون برميل يوميا.
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 6.191 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي، مقابل 61.70 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع السابق الذي سجلت فيه 59.12 دولار للبرميل".
إلى ذلك، حدد تقرير "ناتشورال جاز وورلد " الدولي مسارين لمستقبل سوق النفط العالمية في ضوء ما وصفه بحدوث حالة من التوسع الهائل في استخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة الذي كان بداية لفجوة عالمية بين العرض والطلب في أسواق النفط.
وقال التقرير الدولي "إن هذه الفجوة هي واحدة من أبرز وأهم العوامل التي أدت إلى الضغط على منظمة "أوبك" ومنتجي النفط الآخرين لمواجهة تغيرات عميقة في السوق تمثلت في الإمدادات المتزايدة من النفط الرخيص نسبيا".
وأضاف التقرير أن "المسار الأول يتعلق بقرار منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، مع 11 منتجا مستقلا للنفط بخفض الإنتاج في نوفمبر 2016 وهو ما أدى بالفعل إلى تراجع معدلات استخراج النفط الخام وتحقيق زيادة في الأسعار وذلك على الرغم من التوقعات السلبية السابقة بين عديد من المختصين، ونجحت على عكس ذلك مجموعة المنتجين إلى حد كبير في الوفاء بالتزاماتها وإظهار القدرة على العمل المشترك ومع ذلك، لا يزال من المبكر جدا تحديد ما إذا كان ذلك سيخفف من حدة التوترات في السوق على المدى الطويل".
وأوضح التقرير أن المسار الثاني يتمثل في تعطل خفض الإنتاج، ما يؤدى إلى ضعف الاستثمار بسبب تدني الأسعار وعلى المدى الطويل إذا استمر ارتفاع الطلب فقد يتوقع ارتفاعا حادا مرة أخرى في الأسعار وتقلبا كبيرا في السوق.
ورجح أن يتركز إنتاج النفط جغرافيا في دول "أوبك" وروسيا من جهة وقارة أمريكا الشمالية من جهة أخرى، مع الأخذ في الاعتبار أن طفرة النفط الصخري يمكن أن تنتهي سريعا وبشكل مفاجئ وفي ظل هذا السيناريو، من المتوقع أن تكون الآثار الضارة كبيرة على الاقتصاد العالمي.
ويواصل المنتجون اتصالاتهم تحضيرا للاجتماع الوزاري الموسع لدول "أوبك" وأيضا الاجتماع المشترك مع دول خارج "أوبك" بقيادة روسيا في فيينا يوم 30 نوفمبر الجاري وسط حالة من التفاؤل في السوق بأن يسفر الاجتماع عن قرارات مهمة داعمة للأسعار أبرزها مد العمل باتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية العام المقبل 2018.
وفي هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو أتش أي" البريطانية للخدمات النفطية، "إن زيادة الإنتاج الأمريكي وعودة تنامي الحفارات النفطية بوتيرة سريعة، عادت لتضغط من جديد على أسعار النفط الخام وتعطل نسبيا مسيرة الارتفاعات المتتالية التي تحققت على مدار الأسابيع الماضية"، مرجحا أن تعاود السوق تحقيق مكاسب الأسعار في ضوء تحسن مؤشرات الطلب وزيادة الثقة بتحركات المنتجين خاصة بعد التوافق على مد العمل بتخفيضات الإنتاج.
وأشار إلى أن العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط تقاوم تأثير الزيادة في الإنتاج الأمريكي وتحفز الأسعار على تحقيق ارتفاعات جديدة خاصة بعد حادث محاولة تفجير خط الأنابيب السعودي البحريني، لافتا إلى وجود حالة من الترقب في سوق النفط العالمية تجاه تطورات الأوضاع السياسية المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط التي تعد من أهم مراكز إنتاج الطاقة في العالم.
وأضاف أن "الإنتاج الأمريكي حقق زيادات واسعة منذ يونيو الماضي تقدر بنحو 14 في المائة، وذلك بسبب تعافي الأسعار ومن ثم انتعاش الأسعار لكن هذه الزيادات في المقابل يقدر نمو الطلب على امتصاصها خاصة الطلب القادم من الهند التي تتمتع بمعدل نمو سكاني مرتفع وأيضا بتسارع التنمية الاقتصادية وزيادة الاحتياج إلى كل موارد الطاقة وبالأخص الطاقة التقليدية".
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، أنه على الرغم من كل الأجواء الإيجابية المحيطة بسوق النفط الخام في المرحلة الراهنة إلا أنه من المؤكد أن السوق لم تستقر بعد وأن التقلبات السعرية باقية في السوق وإن تراجعت نسبيا حدتها، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب - بحسب رؤية كبار المنتجين – مزيدا من الجهد لعلاج البقية المتبقية من فائض المخزونات وتضييق الفجوة بين العرض والطلب إلى أدنى مستوى ممكن.
وذكر أن وقوع هجمات إرهابية تستهدف منشآت نفطية أو خطوط أنابيب هو مؤشر خطير يعرقل استقرار السوق ويجب العمل على تجنيب السوق خطر الصراعات السياسية وهو الأمر الذي أكده أمين عام "أوبك" محمد باركيندو أخيرا، مشددا على ضرورة أن يكون أمن الطاقة ومنشآتها خطا أحمر سواء في دول الخليج أو ليبيا أو نيجيريا.
من ناحيته، قال لـ "الاقتصادية"، مايكل تورنتون المحلل في مبادرة الطاقة الأوروبية، "إن إعلان الإمارات التي ستتولى رئاسة "أوبك" في العام المقبل 2018 أنها تفضل اتخاذ قرار تمديد خفض الإنتاج في الاجتماع الوزاري المقبل في 30 نوفمبر لا شك أنه خطوة جيدة تعزز الاستقرار في السوق وتزيل أي قلق أو غموض بشأن خطة عمل المنتجين في حالة إرجاء الأمر إلى قرب انتهاء مدة الاتفاق في مارس من العام المقبل".
وأشار إلى أنه في ضوء مواقف السعودية وروسيا والإمارات وغيرهم من المنتجين صار مد العمل بتخفيضات الإنتاج محسوما بينما أصبحت فكرة تعميق التخفيضات الحالية التي تبلغ 1.8 مليون برميل يوميا أمرا مستبعدا في ضوء نجاح التخفيضات بمستواها الحالي في تحقيق عديد من النتائج الإيجابية للسوق سواء على مستوى تعافي الأسعار أو القضاء تدريجيا على فائض المخزونات.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط