Author

التراث الوطني

|
لعل من مكرر القول الحديث عن أصالة وتفرد هذا الوطن وتاريخه العظيم الذي بدأ مع نزول الإنسان إلى الأرض. تاريخ عاشت فيه دول كثيرة وحضارات، وتاريخ حفظ بعضه واختفى أو اندثر أكثره. هذا التاريخ الحافل يجذب اليوم مزيدا من البحث والتعريف والكشف الذي يطول كل مكونات الجغرافيا والتاريخ في هذه البلاد. صحيح أنه مرت فترات فقدت فيها المواقع التراثية أهميتها وجاذبيتها لأسباب كثيرة، لكن واقع اليوم يظهر كثيرا من المواقع المكتشفة حديثا التي كان الإعلان عنها غير متوافر بسبب تغيير الاهتمامات والتركيز في الوعي العام. شاهدت كثيرا من المواقع، لكن بعض البرامج التلفزيونية أثبتت أننا في حاجة إلى إعادة اكتشاف جغرافية وتاريخ هذه المنطقة التي لا تزال حبلى بكثير من المفاجآت التي لم تصل إليها أيد أو أبصار. يمكنني القول إن أغلبنا مرت عليهم مواقف تعرفوا فيها على مواقع وأحداث تاريخية قريبة من بيوتهم وقراهم، لم يكونوا يعرفون عنها أي شيء بسبب مرور فترة من الإهمال لهذه الأيقونات المهمة. مواقع كانت ملء سمع وبصر العالم وفقدت بريقها مع مرور الزمن لكنها تركت أثرا في مواقع أخرى من العالم، وهو أمر محير، لكنه حقيقي لاحظه من تعامل مع أقوام جاؤوا من حضارات ودول مختلفة لا يربطها بنا سوى الدين أو اللغة في بعض الأحوال. أذكر في الطائف كثيرا من المواقع التي اكتشفناها بسبب وجودها في ثقافات أجنبية تدفع بالحجاج والمعتمرين والمقيمين من مختلف الدول لزيارتها أو البحث في تاريخها لنكتشف أن الوثائق الأجنبية أكثر حصرا وعناية بما لدينا. هذه حالة لا يمكن أن نقبل استمرارها ونحن نعيش واقعا فيه عدد غير قليل من الجامعات وجمعية مختصة في المجال وهيئة عامة تهتم بالتراث الوطني. يجب أن ينتشر الاهتمام بهذه المواقع والبحث في تاريخها وتراثها وترتيب الزيارات العلمية وتشجيع البحوث في المجال، واستقدام أهم الخبرات من كل دول العالم, حتى كراسي البحث يجب أن تشجع في المجال. أذكر هذا وأنا أشاهد مقاطع ذات علاقة تنتشر في وسائل التواصل والإعلام بجميع أطيافه من قبل مواطنين عاديين قد يكونون غير مختصين. تكوين الخريطة التاريخية والتراثية والثقافية للمملكة أمر له أهميته، وهو مجهود مهم وسيستغرق كثيرا من الجهد والمال، ولكنه يحفظ تاريخ المواقع المهمة، وبناء البيئة السياحية للبلاد، وتكوين مرجعية ثقافية توثق وتحفظ التاريخ العظيم لكثير ممن عاشوا وبنوا هذه الأرض العظيمة.
إنشرها