Author

عمالقة مستثمري العالم في الرياض

|

في مبادرة عالمية نوعية قام صندوق الاستثمارات العامة في المملكة بدعوة كبار المستثمرين في العالم، جاءوا للحديث عن مستقبل الاستثمار. ولمعرفة حجم الحوار وأهميته يكفي أن نعرف أن هؤلاء المتحدثين يديرون أصولا تتجاوز قيمتها 22 تريليون دولار أمريكي. ومع هذا الرقم الضخم فإن حوارا حول مستقبل هذه الأموال والأصول واستخداماتها وأين اتجاهها في المستقبل هو حوار الاقتصاد العالمي ككل. لا يمكن لأي اقتصاد عالمي أن ينجح إلا من خلال الاستثمارات التي تتدفق إليه، سواء من الداخل أو الخارج، وإذا كان المتحدثون في مبادرة الرياض يسيطرون على أكثر من 22 تريليون دولار وأن اتفاقا بشأن توجيه هذه الأموال في المستقبل قد يغير واقع الحياة على كوكب الأرض، بل حتى الكواكب المجاورة، فحقا على العالم أن ينصت، وأن يترقب نتائج هذا الحوار الجديد من نوعه، حوار سيرسم مستقبل الإنسانية في قادم الأيام.
ليست هناك مبالغة في مثل هذا التصور عن تأثير مبادرة مستقبل الاستثمار التي ستعقد فعالياتها في الرياض خلال الأيام القليلة المقبلة، فقد وافق عديد من كبار التنفيذيين ورؤساء مجالس الإدارات لكبار صناديق الاستثمار الخاصة على الحديث خلال أعمال المبادرة العالمية، وهناك آخرون من يمثلون صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد، وعدد من قادة أبرز صناديق الثروة السيادية من دول مجلس التعاون الخليجي. لهذا فلا مبالغة في قولنا إن اتفاقا بين هؤلاء الكبار على ماذا سيكون عليه مستقبل الاستثمار يعني بلا شك توجيه أموال هذه الصناديق نحو التوقعات، وعلى هذا، فإن من يريد الفوز بنصيب من كعكة الاستثمار العالمية، فعليه أن يراقب نتيجة حوار اليوم. فإذا كانت البشرية تعتقد ـــ مثلا ـــ أن النقل السريع جدا هو المستقبل، فإن مثل هذا الاعتقاد يجب أن يعترف به من سيدفعون رؤوس أموال شركات النقل السريع جدا، وهم أولئك الذين سيتحدثون في الرياض. وإذا كنا نظن أن التكنولوجيا المتقدمة وعالم الروبوتات ستهيمن على البشرية في المستقبل، فلا بد أن يقتنع رؤساء الصناديق الخاصة بالمغامرة في هذه الصناعة، وفي مبادرة الرياض سنعرف منهم هذه الحقيقة، وإذا كنت ترغب في المضي قدما في تطوير مشاريع تكنولوجية متقدمة فانتظر قرارات وتوصيات مبادرة مستقبل الاستثمار.
من الواضح جدا أن المملكة بمجرد دخولها عالم الصناديق الاستثمارية ستغير وجهة الاستثمار العالمي ككل، ليس في هذا مبالغة أيضا، فالمملكة لم تكن قبل سنتين تقريبا تضع مسألة الصناديق السيادية والاستثمارات الحكومية في أولويات اهتماماتها، خاصة أن النفط وعالمه كان هو المحرك للعمل في الماضي، لكن مع الإدارة الجديدة كليا التي يقودها الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فإن توجهات المملكة تغيرت نحو الاهتمام بهذه المسألة، ولهذا فقد قفزت المملكة إلى مراكز متقدمة في تصنيفات الصناديق السيادية وتجاوزت صناديق بالغة الخبرة، ولأن الوقت لا ينتظر فالمبادرة باستكشاف التوجهات الأساسية في الاستثمار، بل وقيادتها هو الذي سيحقق التقدم ويعزز العوائد ويجعلها مستدامة، وقد تم العمل على برنامج مبادرة مستقبل الاستثمار خصيصا لتوفير منصة تفاعلية تتيح لقادة الاستثمار مناقشة نطاق واسع من المواضيع المتعلقة بالاتجاهات الراهنة والمستقبلية للاستثمار، خاصة تلك التي تحقق المطالب البيئية والاجتماعية، وتلك الخاصة بالحوكمة مع الحفاظ في الوقت ذاته على الربحية.

إنشرها