default Author

أهمية قطاع الإسكان في عملية التوظيف

|

يعد إيجاد الوظائف المباشرة وغير المباشرة من أهم الآثار الاقتصادية الإيجابية الناتجة عن القطاعات ذات العلاقة بالعقار والإسكان، التي تنعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني وعلى تلبية فرص العمل لقطاع كبير من المواطنين، ولكي نرى أين نحن الآن فيما يتصل بهذا الأمر، من المهم مراجعة التجارب الدولية لعديد من الدول التي حققت تقدما واضحا في ملف الإسكان ومقارنتها بتجربتنا في المملكة.
فعلى المستوى الدولي، وفيما يتصل بالتجربة الكندية، فقد أشار فصل "الإسكان والاقتصاد" بتقرير راصد الإسكان الكندي لعام 2010 الصادر عن المؤسسة الكندية للرهن العقاري والإسكان إلى أنه بأخذ كل من العمالة المباشرة وغير المباشرة في الاعتبار، فإن قطاع الإسكان يولد من الوظائف في القطاعات الأخرى ذات العلاقة كالصناعة والخدمات وتجارة الجملة والتجزئة قدر ما يولد بداخله.
وفي الولايات المتحدة، وعبر مدونة "عين على الإسكان" التي يصدرها الاتحاد الوطني لبناة المساكن، فقد ورد في تدوينة للكاتب باول إمراز في أيار (مايو) 2014 أن بناء منزل متوسط لأسرة واحدة يولد (2.97) فرصة عمل بدوام كامل لمدة عام.
وفي الولايات المتحدة أيضا، صدرت دراسة في كانون الثاني (يناير) 2011 أعدت بواسطة مركز سياسة الإسكان البحثي التابع للاتحاد الوطني للإسكان الذي يعد منظمة أمريكية غير هادفة للربح تم تأسيسها عام 1931 بهدف ضمان السكن الآمن والكريم والميسر التكلفة للأمريكيين، وقد ورد في تلك الدراسة التي جاءت بعنوان "دور الإسكان ميسر التكلفة في إيجاد وظائف وفي تحفيز التنمية الاقتصادية المحلية" أن نحو 80 وظيفة مباشرة وغير مباشرة يتم إيجادها من خلال إنشاء 100 وحدة سكنية لأسر أمريكية.
أما في المملكة المتحدة، فقد صدر تقرير ربيع/ صيف 2010 عن مقدم الخدمة العقارية العالمي "سافيلس" المؤسس في عام 1855، جاء التقرير بعنوان "حالة السكن ـــ تأثير بناء المسكن على اقتصاد المملكة المتحدة"، وتضمن أن بناء 100 ألف مسكن سيوجد 228 ألف وظيفة إنشائية مباشرة ومثلها في جانب العرض، وسيتيح نموا للاقتصاد يقدر بنحو (1 في المائة).
وفي الهند، وفي التقرير الصادر في نيسان (أبريل) 2014 عن المجلس الوطني للبحث الاقتصادي التطبيقي، الذي جاء بعنوان "تأثير الاستثمارات في قطاع الإسكان في الناتج المحلي الإجمالي والعمالة في الاقتصاد الهندي"، فقد بيّن التقرير أنه لإنتاج وحدة سكنية فإنه يتم توظيف 2.34 شخص وهي النسبة الأعلى بين جميع القطاعات الاقتصادية.
وعلى مستوى السعودية، ووفق مسح القوى العاملة للربع الثالث من عام 2016م الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، يمكن ملاحظة أن عدد العاملين في قطاع التشييد والبناء ـــ وهو من القطاعات كثيفة العمالة ـــ يبلغ نحو مليوني عامل، وأن عدد العاملين في قطاع الأنشطة العقارية يبلغ 107,651 عاملا، بينما يبلغ عدد العاملين في قطاع الصناعات التحويلية 1,061,726 عاملا وهو قطاع يضم نسبة كبيرة من العمالة ذات العلاقة بالإسكان والعقار كتصنيع مواد البناء.
وفيما يتصل بإنتاجية العامل، وبالاستناد إلى مسح القوى العاملة للربع الثالث من عام 2016 والحسابات القومية لعام 2016 الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، ووفق الأسعار الثابتة لعام 2016، يبلغ متوسط مساهمة العامل في الناتج السنوي في قطاع التشييد والبناء 60,301 ريال سعودي وفي قطاع الصناعات التحويلية 290,278 ريالا سعوديا، وفي قطاع التمويل والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال 413,397 ريالا سعوديا.
ووفقا لتحليلات أجريت بناء على بيانات مسح القوى العاملة للربع الثالث من عام 2016 وبيانات تكوين رأس المال الثابت لعام 2016، يبلغ مضاعف الوظائف في قطاع التشييد والبناء نحو 9.7 وظيفة بمعنى أن توليد وظيفة واحدة مباشرة ينتج عنه توليد 8.73 وظيفة غير مباشرة، كما يبلغ مضاعف الوظائف في قطاع الأنشطة العقارية نحو 3.02 أي تولد الوظيفة الواحدة المباشرة 2.02 وظيفة غير مباشرة، ووفقا لتحليلات وزارة الإسكان تبلغ التكلفة الاستثمارية لتوليد الوظيفة الواحدة المناسبة والمستدامة في عام 2016 بالأسعار الثابتة نحو 805,023 ريالا.
وبمقارنة واقع العقار والإسكان في المملكة وتأثيرهما في الاقتصاد الوطني فيما يتصل بالتوظيف مقارنة بالدول الأخرى، يمكن ملاحظة أن معدل توليد الوظائف يعد جيدا ويتفوق على نظيره في بعض التجارب الأخرى، وهو يتماشى بل ويتخطى متوسط المعدلات المناظرة في التجارب الدولية بشكل عام كما ورد سابقا.
على أن ذلك يجب ألا يلفتنا عن ملاحظة أخرى مهمة وهي أن نسبة المشتغلين السعوديين في تلك الوظائف ليست مرتفعة، ويكفي لذلك على سبيل المثال مقارنة إجمالي عدد المشتغلين بقطاع التشييد والبناء في المملكة وفق مسح القوى العاملة للربع الثالث من عام 2016 البالغ 2,012,045 عاملا، بعدد السعوديين العاملين في هذا القطاع البالغ 129,459 عاملا فقط، وإجمالي عدد العاملين في الأنشطة العقارية البالغ 107,651 عاملا بعدد السعوديين العاملين في هذا القطاع البالغ 69,103 عمال، وهو ما يشير إلى حد ما لعدم الإقبال بشكل كاف من المواطنين السعوديين على العمل في تلك الأنشطة وخاصة أنشطة التشييد والبناء، الأمر الذي يدعو لضرورة البحث عن سبل لتشجيع الأيدي العاملة الوطنية خاصة من فئة الشباب للعمل في تلك الأنشطة وتوفير الحوافز المعنوية والمالية لهم وذلك في ظل الاتجاه نحو استخدام تقنيات البناء الحديثة وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تغيير وجهة النظر السائدة بمناسبة العمالة الأجنبية دون الوطنية للعمل في تلك الأنشطة.

إنشرها