قواعد الاستحواذ الخليجية .. التخارج «1من 2»

في آخر العام الماضي، وافق مجلس الوزراء السعودي على تطبيق قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون، الذي اعتمد فيه القواعد الموحدة للاستحواذ في الأسواق المالية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. هذه القواعد هي قواعد استرشادية يظهر منها أنها تسعى للاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في قواعده الموحدة لتنظيم عروض الشراء في السوق المالية. على الرغم من أن هذه القواعد الموحدة لمجموعة دول بحاجة إلى تعديل إلى كونها قواعد عامة تكون على شكل مبادئ مرنة، حيث تنص القاعدة الواحدة على مبدأ علوي مشترك ويترك التفصيل لكل دولة حسب سوقها، إلا أن هذه المقالة ستقتصر على مسألة واحدة تطرقت لها القواعد الموحدة وأرى أنه بالإمكان تنظيمها بأسلوب منطقي وأكثر فعالية. عندما تناقش هذه المقالة هذه المسألة، ستعكس اقتراحي فيما أرى إضافته إلى لائحة الاندماج والاستحواذ السعودية في الوقت نفسه.
وقبل البدء في موضوع هذه المقالة، أؤكد أن فعالية تطبيق القواعد الموحدة للاستحواذ (عروض الشراء) تعتمد بالدرجة الأولى على تواؤم جميع مواد النظام مع بعضها بعضا، إضافة إلى صياغتها بأسلوب مرن، حيث يحدد الهدف المراد تحقيقه، وفي الوقت نفسه يترك مجالا لكل دولة في أن تنظم تفاصيله حسب شكل ونظام وهدف كل دولة.
نصت المادة الـ (26) من القواعد الموحدة على أنه: "إذا استحوذ مساهم منفردا أو من خلال الأشخاص الذين يتصرفون بالاتفاق على 90 في المائة أو أكثر من رأس المال وحقوق التصويت في الشركة المستحوذة المستهدفة بالعرض، جاز لأي من المساهمين الآخرين الحائزين 3 في المائة على الأقل من رأس المال أن يطلبوا من الجهة الرقابية خلال 12 شهرا التالية لاستحواذ الأغلبية على النسبة المشار إليها إخطار الأغلبية بتقديم عرض لشراء حصص الأقلية".
هذا التوجه الذي نصت عليه المادة الـ (26) من القواعد الموحدة هو ما سلكته القواعد المنظمة لعروض الشراء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمكن تسميته بحق بيع الخروج أو التخارج Sell Out Right. وحق بيع الخروج أو التخارج هو الحق الذي يعطي الأقلية في الشركة المستحوذ عليها أن يجبروا المستحوذ أن يشتري أسهمهم في حالة نجاح المستحوذ في شراء أسهم في الشركة المستحوذة بنسبة معينة حددتها القواعد الموحدة هنا بـ 90 في المائة متفقة في اختيارها مع النسبة التي حددتها القواعد الموحدة لعروض الشراء في الاتحاد الأوروبي.
هذا الحق الذي رتبته المادة الـ (26) من القواعد الموحدة بهذه الصيغة يرد عليه أكثر من إشكال، ويمكن تلخيص أهم تلك الإشكالات في الأمور التالية: 1) غفلة القواعد عن الحق الآخر الذي لا يقل أهمية عن حق بيع الخروج أو التخارج الذي وضع لمصلحة الأقلية، وهو حق إخراج الأكثرية للأقلية من الشركة بعد نجاح الشركة المستحوذة في شراء نسبة معينة من الشركة المستحوذ عليها. 2) عدم ملاءمة النسبة المقررة لنشوء حق بيع الخروج أو التخارج. 3) استمرار الحق لمدة طويلة كمدة 12 شهرا التي نصت عليها المادة الـ (26) من القواعد الموحدة.
هذه النقاط الأربع من المادة الـ (26) من القواعد للاستحواذ في الأسواق المالية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ستتم مناقشتها في المقالة المقبلة ـــ إن شاء الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي