Author

المسلم ليس وحشا

|
هناك إصرار عجيب لدى الإرهابيين على تصوير المسلمين باعتبارهم وحوشا همجية، يؤمنون بالإرهاب والقتل والدم والاعتداء والاغتيال. هذا الاجتزاء تخدمه سلسلة أحداث أصبحت تتسارع، وتحصل بشكل يومي. وقد تجد أكثر من حدث إرهابي يقع في يوم واحد، في عدة أماكن، وتكون حصيلته سلسلة من الضحايا الذين لا ذنب لهم. وهذا ما حصل أمس الأول. داعش وأدوات داعش ومنابرها الإعلامية وبعض الأدوات المتعاطفة معها، كل هؤلاء يضخون مزيدا من الأفكار، بكل لغات العالم من أجل تكريس الصورة. المفارقة أن تجد من لا يزال يكتب مطالبا بالثورة على الجغرافيا، ويصر على تمرير هذه الأفكار بمنتهى النعومة، وثمة من يبرر مثل هذه الأفكار التهييجية. وفي المقابل تتساقط اللعنات على من يدعو لتعزيز الأطر الوطنية، وعدم تشجيع خطابات التحريش، ويدعو إلى النأي عن خطابات الكراهية، خشية أن يحدث ما لا نحمد عقباه. إن من المهم جدا أن يعي النشء الجديد، أن هناك فارقا بين ممارسة الشعائر الدينية، والتحلي بأخلاق الإسلام السمحة. وبين المضامين الأيديولوجية الإرهابية التي يتم تغليفها بالخطاب الديني وتقديمها للنشء. لم تكن خطبة الجمعة حفلة للتهييج والكراهية والتحريش على الدخول في مشكلات المجتمعات الأخرى بحجة الجهاد. ولكن العالم العربي شهد منذ ثمانينيات القرن الماضي تزايد الخطب والمحاضرات والكتب التي تؤسس للعنف، وكانت هذه تجد تسويقا عبر أشرطة الكاسيت في ذلك الحين. واليوم، عندما تعود إلى اليوتيوب، وهو حافظتنا الإلكترونية البديلة للكاسيت والسي دي، وتستعرض الخطب التي كان يرددها رموز الخطاب العنيف في تلك السنوات، تجد أن الخطاب يتوكأ على البكائيات، ويستحضر آلام المسلمين هنا وهناك، ولكنه يركز في خطابه ليس على الدعوة للتعاطف مع الضعفاء والمساكين، بل يحرض على الجهاد ويدعو للمجاهدين. إننا ندرك الآن أن من ضمن من يتم تسميتهم مجاهدين في العصر الراهن، الدواعش وأنصار القاعدة وجبهة النصرة بتحولاتها السابقة واللاحقة وسواها من العصابات الإرهابية والفرق الضالة التي يعانيها المجتمع الإسلامي والعالمي. لا يمكن أبدا الفصل بين الإرهاب الذي تشهده مصر أو الأردن أو تركيا أو ألمانيا أو سواها من الدول. لقد كانت الدول الغربية وسواها تتحدث في سنوات ماضية عن حقوق الإرهابيين، ولكن لنتذكر أن من بين هذه الدول، من خرج مسؤولوها فور تعرضهم للإرهاب، ليقولوا إن الحقوق تتوقف عندما يتم استهدافهم بالإرهاب. غاية الإرهابيين إشعال حرب شاملة بين الشرق والغرب.
إنشرها