Author

أذهب أو لا أذهب

|
تخرج مشعل الحركان متخصصا في هندسة الطيران من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران. توقع أنه سيحلق عاليا. ستتهافت عليه شركات الطيران. لكنه ظل عاطلا مدة غير قصيرة. كلما تقدم إلى شركة رفضته دون أن تكلف نفسها عناء مقابلته. سمع يوما ما أن الجامعة التي تخرج منها تقيم معرضا للتوظيف. كان مشعل أول زواره بحثا عن الوظيفة الحلم. تكرر السيناريو. لا أحد مهتم به. لمح وهو يتجول في أجنحة المعرض جناحا لشركة متخصصة في الطيران. تحدث مع ممثلها رغبة في الحصول على فرصة. الموظف اعتذر بلباقة، "لا توجد وظائف لدينا حاليا". لم ترق الإجابة له فرد عليه بسؤال يشبه لكمة خطافية، "لماذا تشاركون في معرض توظيف وليس لديكم وظائف؟". تجاهله الموظف ولسان حاله يقول، "لو أجبت عليه سأدخل في دوامة لن أخرج منها". أنقذ ممثل التوظيف الذي لا تملك شركته وظائف حسب مزاعمه دخول زميله إلى الجناح. انقض عليه مشعل شاكيا، "زميلك يقول إنه لا توجد وظائف لديكم. لماذا تشاركون هنا إذن؟". ابتسم الموظف ومد يده لمشعل سائلا، "أعطني سيرتك الذاتية وتعال غدا لإجراء مقابلة وظيفية". استغرب مشعل هذه الحفاوة المباغتة وردد بينه وبين نفسه، "بالتأكيد هذه (تصريفة) اتقاء لشري وتفاديا للساني الطويل". ذهب مشعل إلى منزله ونام. واستيقظ في الصباح البارد متسائلا، "أذهب أو لا أذهب إلى المقابلة". اندلع صوتان في داخله. الصوت الأول يدعوه إلى العودة إلى الفراش الدافئ متسلحا بأن ممثل التوظيف لن يجري معه مقابلة غدا وإن أجرى لن يوظفه. سيتذرع بأنه لا يملك خبرة أو سيرد عليه لاحقا ولا يرد كغيره. والصوت الثاني يدعوه للذهاب. فقد ينال الوظيفة. عاش صراعا بين صوتين. استجاب للصوت الثاني وذهب. استقبله ممثل التوظيف بحرارة. أجرى معه مقابلة قصيرة اختتمها بتهنئته قائلا، "مبروك، حصلت على الوظيفة. وغدا سنبعث لك العرض الوظيفي رسميا إلى إيميلك". يسترجع مشعل قصته اليوم بعد تسع سنوات صعد فيها في وظيفته وحقق نجاحات عملية كبيرة. ويتساءل اليوم بينه وبين نفسه، "ماذا لو لم أذهب في ذلك اليوم الشتوي البارد واستمعت إلى صوت الكسل والإحباط الذي يسكنني؟". حزنت على نفسي عندما سمعت قصة مشعل فدائما لا أذهب. أذعن لقلقي ومخاوفي السقيمة. بدوري أقول لي ولكم، اذهبوا. أحلامنا لا تأتي إلينا. علينا أن نذهب إليها وكلما كانت الرحلة أطول كافأتنا أكثر. ستعانقنا بحرارة وتسعدنا. تأكد يا صديقي عندما تذهب للخير ستجد كل الخير. لا تصغي لكل الأصوات المثبطة الداخلية والخارجية. استمع إلى صوت واحد يوقظك ويحركك ويدفعك للذهاب دفعا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها