Author

تضحيات من أجل الوطن

|
تساءل الزميل خالد الفاضلي أمس في مقالته في «عكاظ»: هل ثمة موانع حاجبة لنشر تفاصيل أكثر عن مقتل، أو إصابة أو اختطاف دبلوماسي سعودي في الخارج؟ وتحويل ذلك إلى سلسلة وثائقية تلفزيونية؟ وقد سرد الفاضلي في مقالته الفخمة، سلسلة من المواقف التي تعرضت فيها الدبلوماسية السعودية الرصينة للاستهداف خطفا وتهديدا وقتلا. الحقيقة أن تساؤلات خالد الفاضلي تفتح ملفا مسكوتا عنه. إذا إن كل شهيد من شهداء الواجب، سواء أولئك الذين على الحدود، أو الجنود الذين تستهدفهم رصاصات الغدر غيلة، من "داعش" وسواها. أو حتى أولئك الدبلوماسيين الذين يدفعون حياتهم في سبيل الدفاع عن قضايا الوطن، إن كل واحد من هؤلاء يمثل قصة من قصص البطولة التي تستحق أن تكون حاضرة من خلال الإعلام سواء عبر الدراما التلفزيونية أو الأفلام الوثائقية. من المؤسف أن مواقف المملكة النبيلة في «عاصفة الصحراء» التي أفضت إلى تحرير الكويت، لا تزال تفاصيلها محصورة في أفلام مناسباتية تأتي في ذكرى تحرير الكويت، ولكنها لا تغوص في تفاصيل التفاصيل. ومن المؤلم أن الحركة الإبداعية الروائية عندنا لم تتمكن من إحياء هذه التفاصيل، ولم تتمكن الدراما السعودية من استحضار «عاصفة الصحراء» وإعادة تذكير الأجيال الجديدة بالبطولات والمواقف النبيلة التي حققها أبطال المملكة. والأمر نفسه ينطبق على «عاصفة الحزم» وسواها من تضحيات. إن مشهد إصرار جندي في الحد الجنوبي على عدم ترك زميله المصاب وحمله وإنقاذه، أو مشاهد التعامل مع الأسرى العراقيين، أو مشاهد احتضان الأشقاء من هنا وهناك.. كل هذه التفاصيل، والقصص الإنسانية التي ترافق ذلك، من حالات وفاة تستدعي مغادرة الجندي للجبهة لبضعة ساعات لمواراة عزيز عليه في التراب، ثم العودة من جديد إلى الجبهة. كل تلك المشاهد وسواها، لم تجد من يلتقطها ويعيد صياغتها بشكل إبداعي. إن السينما الأمريكية عالميا، والسينما المصرية عربيا، وكذلك الروايات في هذين البلدين أسهمت في إثراء ذاكرة الشعوب بتفاصيل الحروب الوطنية التي خاضتها الجيوش هناك. لقد كان الشعر الشعبي ولا يزال هو الذاكرة الأكثر حضورا لدينا. ولكننا في حاجة إلى التسجيل والتوثيق والاستفادة من قوالب الإبداع ومن الفنون البصرية من أجل تعزيز روح المواطنة وإشاعة التقدير والامتنان لكل الطاقات الوطنية التي كانت ولا تزال تعطي بشجاعة وصمت.
إنشرها