Author

المعلومات لصناعة القرار

|
تعتمد عملية صنع القرار على مقدار البيانات والمعلومات التي تتوافر لدى صانع القرار. هذه البيانات والمعارف قد تأتي في شكل مواد خام كمية أو نوعية، تتوافر لها عمليات تشغيلية تعتمد على الخبرات والتوجهات وتتأثر بالمخاطر والخطط قصيرة وطويلة المدى، وتؤثر كمية ونوع وتوقيت البيانات في عملية صنع القرار. وهنا نتساءل هل يمكن أن يتم حجب أو إساءة استخدام مفردات صنع القرار من أجل تحقيق مآرب أو تأثير في صنع القرار؟ هذا ما تحدثت عنه مفاهيم ومبادئ الحوكمة تحت عنوان تضارب المصالح. تضارب المصالح Conflicts of Interest من المفاهيم والمصطلحات التي ناقشتها بعمق موضوعات حوكمة الشركاتCorporate Governance كأحد الموضوعات المؤثرة في مسيرة عمل الشركات. عرفت هذه الحالة من خلال حاجة الشركات إلى عملية الفصل بين الملكية Ownership والإدارة Management فيما يعرف بنظرية الوكالة Agency Theory. الشركات ذات الملكية المتعددة تكون فيها تكلفة تضارب المصالح بين الإدارة والملاك عالية مقارنة بالشركات العائلية، كما أنها عالية جدا في القطاع العام.بسبب وجود هذا التعارض بين المصالح، ركزت الأبحاث العلمية، والأنظمة والتشريعات العالمية على الفصل بين الوظائف والسلطات، وأصبح لزاما الفصل بين وظيفتي رئيس مجلس الإدارة Chairman ووظيفة الرئيس التنفيذي CEO كأحد أهم ما توصلت إليه أبحاث ودراسات حوكمة الشركات لضمان حقوق جميع المستفيدين Stakeholders group. ومع هذا تظل فرص واحتمالات وجود تضارب في المصالح قائمة ومؤثرة في مسيرة العمل بسبب اعتماده على البيانات والمعلومات التي يمكن أن تؤثر في عملية صياغة القرار.في الشركات أوصت الأبحاث لتخفيض فرص احتمالية وجود تعارض في المصالح والسلطات بالاعتماد على وجود المديرين المستقلين Independent non-executive في عضوية مجالس الإدارات واللجان الرئيسة فيها، محاولة لمعالجة مبدأ تضارب المصالح. وفي كثير من الحالات تكون زيادة عدد المستقلين وغير التنفيذيين في تمثيل أصحاب المصالح علامة قوة واطمئنان. في القطاع العام تظل مشكلة تضارب المصالح، أو العمل من أجل تحقيق مصالح فئة محدودة على حساب الأغلبية من أهم المشكلات التي تتسبب في ظهور حالات الفساد المالي والإداري، واستغلال السلطة. يساعد ذلك غياب الرقابة الداخلية ممثلة في إدارات المراجعة الداخلية، وضعف أو تعارض المهام بين مصالح الرقابة الخارجية. في حالات كثيرة قد يُضَلل المسؤول عن صنع القرار بمعلومات تسهم في إصدار قرار يخدم جانبا أو فئة على حساب مصالح العموم. وهنا تظل مسؤولية المسؤول الأول في توثيق جهاز المعلومات الذي يمده بالبيانات والمعلومات المؤثرة في صنع القرار. ومن أجل القضاء على فرص الفساد أو استغلال السلطات، يجب أن تسعى الجهات العامة لتفعيل أدوات الحوكمة والرقابة والتوثيق داخليا، وتعزيز وتطوير أدوات الرقابة الخارجية. وقد صدرت فعليا بوادر ذلك من خلال تفعيل تطبيقات الحوكمة في "رؤية المملكة 2030"، وما زلنا في حاجة إلى مواكبة هذا التطوير لتحقيق الفائدة على المستوى الوطني.
إنشرها