Author

تميز بيئة العمل أداة للتوطين وتحقيق الرؤية

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
المعنى الشامل العام لا يمكن لمنشأة أن تعمل في فراغ. هي تعمل وفق أساليب وسياسات ترى أنها الأنسب لتحقيق أهدافها. وفي هذا هي في حاجة إلى موارد بشرية ومادية ومكانية. ومجموع هذه العوامل وما ينشأ فيها من قوى وتفاعلات تشكل بيئة عمل للمنشأة. وتتوزع هذه العوامل على نوعين: داخلي وخارجي. العوامل الداخلية لها التأثير المباشر في أداء المنشأة. من الأمثلة الموردون ومقدمو الخدمات للمنشأة والمنافسون والزبائن أي العملاء والتنظيمات الداخلية ومهارات العاملين في المنشأة وتطلعاتهم وأساليب وسياسات إدارة المنشأة. العوامل الخارجية تعرف من كونها خارج سيطرة المنشأة، مثل أوضاع الاقتصاد عامة والثقافة السائدة وقوانين الحكومة وبيئتها ومدى كفاءتها. وهناك نماذج ترتيب اقتصادية لقياس نوعية أو مدى جاذبية الأعمال في الدول. وتفيد الشركات العالمية في التعرف على طبيعة وفرص الأعمال في الدول الأخرى. وهناك نماذج تقيس جاذبية بيئة الشركات الداخلية للعمل، وينصب ذلك في المقام الأول على جاذبيتها لموظفيها. ما تعريف الأداء المتميز في العمل؟ الأداء المتميز في العمل يعني رفع مستوى الكفاءة والإنتاج والفعالية في العمل. ويظهر هذا الرفع عبر عدة صفات في العاملين في المنشأة إن لم يمكن كلهم فغالبية منهم، مثل ارتفاع مهارة العاملين في المنشأة وإنتاج أعمال نسبة الأخطاء فيها قليلة جدا مقارنة بالغير، والوفاء بالمواعيد النهائية لإنجاز الأعمال والقدرة على العمل ضمن فريق والتحسين المستمر للعمل بما يحمله من تجديد وإبداع. ما علاقة ذلك "برؤية 2030"؟ بالنظر إلى أن الرؤية تستهدف رفع كفاءة الموارد البشرية وزيادة نسبة السعودة ورفع دخل الفرد، وبالنظر إلى أن السعودة متدنية بصفة عامة في القطاع الخاص، فإن تحسن جاذبية بيئة العمل في الشركات تعني كونها بيئة جاذبة للراغبين في العمل. ومن ثم فهي تنعكس تلقائيا على "رؤية 2030"، أي أنها تساعد على تحقيق أهداف الرؤية. لا يمكن تحقيق بيئة عمل متميزة دون توفير بيئة محفزة على العمل تزيد أداء العاملين. وغالبا ما يكون الرابط إيجابيا قويا بين المؤدي "الشخص أو المنشأة" والأداء. ومن صفات المتميز شخصا كان أو منشأة محبة العمل الذي يقوم به. والمتميز شخصا كان أو منشأة غالبا لا ترضى بالأداء العادي أو إنهاء الأمر على أي صورة كانت والمساواة بالآخرين، بل الرغبة قوية في الإتيان بما هو أفضل. من طرف المنشأة، هناك علاقة بين نمط القيادة والأداء المتميز للفرد. والشخص المحب للأداء الأفضل تصدمه القيادة التي لا تبالي أو لا تقدر الإنجاز بصورة مباشرة أو غير مباشرة كأن تتسم بصفات سيئة كالانتهازية وما يمكن أن يعد نوع سرقة أو تهميشا لجهود الآخرين أو التسلط أو الاستبداد أو الظلم. والعكس صحيح مع القيادة المتميزة والمرنة التي تقدر الفرق في الأداء. وجود الحافز قد يدفع حتى غير المتميز إلى محاولة التميز للحصول على هذه الحوافز. أي أن هناك علاقة طردية بين بيئة العمل المادية وأداء الفرد المتميز، دون تجاهل لأهمية عوامل أخرى كتوافق طبيعة عمل الفرد وتخصصه العلمي لها حيث لها دور في تميز أدائه. وبصفة عامة، من الممكن أن يتحقق التميز في الأداء بإمكانات مادية قليلة نسبيا مادامت الظروف الأخرى مهيأة. ما توقعنا لجاذبية بيئة العمل في بن لادن السعودية؟ لعله ليس من الظلم القول إن بيئة العمل في غالبية المنشآت تفتقر إلى محفزات دفع العاملين إلى التميز. لنقرأ كلام أحد الموظفين الفائز بجائزة الأداء المتميز في سنة من السنوات. يقول "أحب وظيفتي وعملي بشكل كبير، والمسؤولون يوفرون لي مناخا إداريا مثاليا ويقدرونني، ولا يمانعون في التحاقي بدورات تدريبية لتطوير قدراتي ومهاراتي، بل إن المدير الإداري المسؤول المباشر عني يقدم لي حوافز مالية نظير تميزي في العمل وارتفاع إنتاجيتي". ما نصيب الكلام السابق في أساليب إدارة أكثرية منشآتنا؟دددون أن نغبط البعض ممن أوتي حكمة وحسن إدارة، يمكن القول إن كثرة من المديرين تبالغ بسوء الظن والتدخل في كل تفاصيل عمل الموظفين، وتحسن اتباع أساليب متنوعة في العقاب مثل الحسم أو الإنذار أو لفت النظر أو سوء المعاملة للموظف في حالة ارتكابه الخطأ، مقابل التغافل عن تقدير جهود هذا الموظف. من صفات المنشأة المتميزة أن فيها إدارة تحسن التعامل مع موظفيها. وليس من الضروري أن يكون التعامل ماديا بحتا. ومن المهم التأكيد على أن حسن الإدارة لا تعني إلغاء جو الهيبة، فهو جو مطلوب، وهو خلاف جو الخوف. ددمطلوب عمل كل ما يمكن عمله لتحسين بيئة العمل في الشركات، وخاصة المتوسطة والصغيرة. والأمل في أن تقود هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة جهودا منسقة مثمرة لتحسين بيئة العمل لمصلحة المنشآت ومصلحة البلد.
إنشرها