Author

بيئة العمل والإنتاجية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
بيئة العمل هي أحد المصطلحات الشائعة عند الحديث عن العمل والإنتاجية واستقطاب الكفاءات، فبيئة العمل الجيدة تزيد من فرص استقطاب الكفاءات والاستفادة المثلى من إمكاناتهم ومهاراتهم، وبالتالي ينعكس ذلك على إنتاجية المؤسسة، ولذلك كان من أهم عناصر النجاح للمؤسسات والشركات وأي شكل من أشكال الأعمال حتى الحكومي منها هو بيئة العمل، إذ ينعكس ذلك بصورة إيجابية على المنتج والخدمة ورضى العميل بصورة عامة، إضافة إلى أنه يزيد من مستوى الولاء للمؤسسات، حيث يصل فيها الحال بالموظف إلى أن يمارس عمله وكأنه أحد ملاك الشركة وليس فقط موظفا يؤدي مهام محددة، وهنا نجد أنه في بعض الشركات أو الأعمال أن الموظف يقدم خدمات للشركة بما يدعم نشاطها وإنتاجيتها حتى بعد أوقات العمل التي يلتزم بها. مجموعة من العوامل يمكن أن تحسن بيئة العمل بحسب ما ذكره كثير من المختصين في الإدارة والموارد البشرية، منها: اختيار المدير المناسب، إذ إن المدير أو المسؤول أو التنفيذي الفاعل الذي يمكن أن يهيئ بيئة عمل نشطة ويحظى بقبول كبير من الموظفين من الأمور المهمة، التي تحفز على مزيد من الإنتاجية وإتقان العمل، فالمسؤول هنا يباشر مجموعة من المهام التي تزيد من كفاءة العمل، مثل تحفيز الموظفين على مزيد من الإنتاجية كما أنه يكون القدوة لهم، فعندما يرونه يعمل بجد وإخلاص وفاعلية يكون قدوة لهم في بذل مزيد من الجهد، كما أن المسؤول الذي يعدل بين موظفيه ويعاملهم معاملة ليس فيها تمييز ويكافئ المجتهد منهم ويتعاون مع قليل الخبرة بتوجيهه وتجاوز الأخطاء غير المقصودة منه، كما أنه بصورة عامة يكون قدوة للمجموعة يتأثرون به، ويستطيع أن يزيد من فاعلية المجموعة، ويجعل النجاح هو للمجموع، وليس نجاح فرد. من العوامل أيضا توفير قائمة من الحوافز للموظفين، لزيادة إنتاجيتهم وتتنوع هذه الحوافز، فالبعض يظن أن الحوافز هي فقط في تقديم مبالغ إضافية لتشجيع الموظفين، وهذا يعتبر أحدها، لكن توفير السكن المناسب مثلا يعتبر أحد أهم الحوافز، ومن ذلك توفير خدمات خاصة بالموظفين سواء فيما يتعلق بالتعليم أو العلاج أو الحصول على خدمات من الشركات، أو توفير بيئة للترفيه سواء للموظف أو عائلته، كل ذلك له دور ملموس في ولاء الموظف للمؤسسة وتوفير بيئة عمل مميزة له. من العوامل أيضا العدالة في التعامل، فلا يكلف الموظف بما لا يطيق، ولا يتم إشغاله بمهام ليست من طبيعة عمله بصورة مستمرة، إذ إن الموظف غالبا يميل إلى الالتزام أكثر بالمهام التي التزم بها في العقد، باعتبار أنه راض ومقتنع بها، وإلزامه بصورة مستمرة بمهام تختلف عن هذا الاتفاق قد يؤدي إلى حالة من عدم الرضى، التي تنعكس على الإنتاجية في المؤسسة وكفاءة وفاعلية الموظف، وهنا تأتي أهمية اختيار المهام المناسبة للموظف والتشاور معه في الالتزام بها بما يجعل التزامه وتأدية هذا العمل تحديا بالنسبة إليه وليس إكراها، ومن العدالة في التعامل عدم إلزامه بالعمل لفترات أطول من المتفق عليه بصفة مستمرة إلا بتعويضه عن ذلك، ومحاولة عدم المبالغة في إلزامه بالعمل لفترة طويلة بما يؤثر في صحته وإنتاجيته. الاهتمام ببيئة العمل يعزز من كفاءة المؤسسات، ويزيد من إنتاجية وولاء الموظف، وينعكس أثره حتى على عملاء الشركات، واستدامة تحقيق الشركة مزيدا من الأرباح. البرامج الخاصة بتقييم بيئة العمل وتقديم جوائز مناسبة خاصة بذلك، ستكون لها آثار إيجابية في سوق العمل، إذ إن ذلك سيجعل الشركات تتنافس في توفير بيئة عمل مميزة، إذ إن ذلك أدعى إلى تمكنها من استقطاب الكفاءات المميزة للعمل بها، كما أن ناتج ذلك يعود بصورة واضحة على ظروف العمل التي ستمنح للمواطنين في تلك الشركات، والمحصلة النهائية تعود على الوطن بزيادة إنتاجية المواطنين، وتحسين الظروف المعيشية لهم. الخلاصة أن الاهتمام ببيئة العمل من خلال بعض دراسة لأهم العوامل التي توفر بيئة عمل جيدة للموظفين له أثر كبير في الاقتصاد بصورة عامة، باعتبار أن المنافسة في تحسين بيئة العمل تزيد من إنتاجية المؤسسات والشركات، وتهيئ فرصا أفضل للنمو والاستدامة، مع قدرتها على استقطاب الكفاءات واستمرارها في تطوير العمل، كما أنها بصورة عامة تزيد من تحسين ظروف العمل للمواطنين وتزيد من إنتاجيتهم، وهي تعود على الاقتصاد بتوفير سلع وخدمات مميزة وإنتاجية أعلى للاقتصاد.
إنشرها