Author

توطين الوظائف الحرجة

|
في زعمي أن كل المنجزات التي حققتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في مجال توطين الوظائف لو وضعناها في كفة، ووضعنا تحركها الأخير والمهم في الحد من "الانكشاف المهني" في سوق العمل في كفة أخرى لرجحت الأخيرة. التحرك الأخير لوزارة العمل في الحد من الانكشاف المهني والسعي إلى توطين ما يسمى بالوظائف الحرجة، منعطف مهم في مسيرة سوق العمل السعودية، وهي من أهم التحركات الحكومية التي يمكن أن تسهم في إصلاحه وتقويمه. شرعت الوزارة أخيرا في عمليات بحث وتقصي في سوق العمل السعودية لمعرفة مكامن الخلل، والانكشاف المهني في بعض القطاعات، وأسهمت تلك الأبحاث والدراسات في توفير كم هائل من المعلومات والبيانات التي يمكن أن تكون أساسا متينا لإصلاح سوق العمل في السعودية. الانكشاف المهني في تعريفه البسيط هو سيطرة عمالة أجنبية من جنسية واحدة أو من جنسيات محدودة على مهن قطاع مهم وحيوي، وهذه السيطرة يمكن أن تحدث هزة عنيفة للقطاع حال انسحاب أولئك العمال، وهو أمر تعرضت له السعودية عام 1990 إبان حرب الخليج الثانية حيث انسحب أكثر من 2.5 مليون عامل أجنبي منهم 100 ألف في قطاع الصحة وحده، وهو ما عرض سوق العمل في تلك الفترة إلى هزة عنيفة. وحتى لا نقع في ذلك الأمر مرة أخرى، شرعت وزارة العمل في تنفيذ دراسة تحليلية لأوضاع سوق العمل وواقع العمالة في القطاع الخاص، وقياس اعتمادية سوق العمل على العمالة الوافدة في المهن والقطاعات والمناطق المختلفة واعتماد مؤشرات الانكشاف المهني وذلك لتحقيق الأمان الاقتصادي والمهني في الوظائف الحرجة، وبدأت بالفعل في تنفيذ مشروعها في توطين تلك الوظائف التي تسيطر على معظمها عمالة وافدة قد تحدث حرجا لنا لو بادرت "بخروج مفاجئ" لأي سبب كان، حيث وقعت اتفاقية مع وزارة الصحة لتقليص الانكشاف المهني في القطاع الصحي، وتوطين الوظائف الحرجة، وهو أمر سيسهم في إيجاد أمان في هذا القطاع، إضافة إلى توفيره أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل للشباب السعودي سنويا -بحسب تقديرات غير رسمية. توطين وظائف قطاع الصحة هو الخطوة الأولى وسيتبعها خطوات في قطاعات أخرى تعاني انكشافا مهنيا لعل من أهمها قطاع البناء والسياحة بحسب البحث والتقصي الذي نفذته وزارة العمل أخيرا ووافق عليه المقام السامي.
إنشرها