Author

القيادة الريادية وتحقيق الاستدامة

|
ريادة الأعمال ليست حكرا على الشركات الناشئة. فهي عدسة يجب على جميع الشركات النظر من خلالها عند وضعهم للاستراتيجية وقواعد القيادة في القرن الـ21، بهدف مواجهة المشكلات المجتمعية. تأتي نظريات الإدارة استجابة لمشكلات معينة. حيث أصبحت أبرز المؤسسات في مطلع القرن الـ20 كبيرة وصناعية، وتقوم بمهام روتينية في سبيل تنويع منتجاتها. ما دفع فريدريك تايلور إلى تطوير نظرية الإدارة العلمية التي تدعو إلى تحسين المهام عن طريق تقسيم المسؤوليات المعقدة الكبيرة إلى أخرى صغيرة، وربط الأجور بالأداء الوظيفي. نستطيع أن نجزم بأن القيادة الريادية ستكون المسؤولة عن تحديد وتعريف نظرية الإدارة في الحقبة الجديدة. فرواد الأعمال لديهم حماس دائم لتحسين المجتمع من خلال اكتشاف الثغرات ومعالجتها. تواجه الحكومات مشكلات في الميزانية ابتداء من مجال الرعاية الصحية إلى قضايا البيئة والتعليم، ما يؤدي إلى إهمال عديد من المواطنين. من هنا أصبحت الحاجة إلى وجود أفكار رائدة ووضع استراتيجيات لمعالجة هذا النقص ضرورة ملحة. وعلاوة على ذلك، يجب على قادة الأعمال التعامل مع استراتيجيات جديدة للنمو والابتكار والتجديد وإعادة الهيكلة، سواء كانوا شركات ناشئة أو شركات متعددة الجنسيات. ولذلك تحتاج جميع الشركات إلى عقليات وقيادات ريادية. تم تصميم برنامج ماجستير إدارة الأعمال الذي أقوم بتدريسه، لإثبات أن الشركات الناشئة والعائلية، وكذلك الابتكار، والمشاريع الاجتماعية تندرج جميعها تحت مظلة ريادة الأعمال. فالطلاب يتبنون منهج المشاريع الريادية، والتنفيذيون يواجهون تحديات الابتكار، وقادة الشركات العائلية يحفزهم ضمان استمرارية الشركة للأجيال المقبلة. ريادة الأعمال بأشكالها المختلفة عبارة عن سلسلة متصلة من السلوكيات المتعلقة بالاستراتيجية والقيادة، تحركها دورة حياة الشركة في كثير من الأحيان. ويبقى التحدي الأكبر الذي يواجه جميع الشركات وهو تحقيق الاستدامة المبنية على أساس إيجاد قيمة لأصحاب المصلحة. أعلم طلابي أن هناك أربعة سياقات ريادية، تتطلب بدورها أنواعا مختلفة من القيادة الريادية والاستراتيجيات: 1 - تحقيق الابتكار المؤسسي: يتطلب من القياديين تعزيز المواءمة بين الاستراتيجية والثقافة من خلال توفير القيادة المحفّزة على الإبداع والتغيير. 2 - البدء بمشروع جديد: يحتاج القياديون إلى المشاركة بدلا من الإشراف عن بعد، كما يحتاجون إلى البحث عن فرص جديدة، وإشراك المستثمرين والموظفين في العمل. ويجب عليهم ممارسة الإدارة بشكل يختلف عن الشركات الكبرى التي لديها موارد منخفضة التكلفة وفرق عمل وشركاء. كما يجب أن يتسموا بالمرونة والفهم العميق لعملائهم، وأن يهدفوا إلى ضمان استمرارية المشروع. 3 - المشاريع الاجتماعية: الغرض الرئيس منها تلبية الاحتياجات الاجتماعية أو الاقتصادية غير المعالجة. حيث ينبغي للقياديين في المشاريع الاجتماعية أن يخصصوا مزيدا من الوقت للشراكات وتطوير العلاقات مع المجتمع والحكومة والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المختلفة. تمويل هذه المشاريع ليس بالأمر التقليدي، فهو يأتي من مجموعة من المصادر بما في ذلك مبيعات المنتجات والخدمات والمنح الحكومية والمنظمات غير الحكومية وقروض المشاريع ذات الأثر الاجتماعي باعتبارها الهدف الرئيس. 4 - الشركات العائلية: على القياديين في هذا القطاع التركيز على تخطيط مواز للشركات العائلية لضمان نجاح عملية الانتقال إلى الجيل التالي، مدعومين بالقيم العائلية ورأس المال، ولديهم القدرة على إدارة أعمالهم لفترة طويلة. فهدفهم في نهاية المطاف هو تنمية رأس المال العائلي على الصعيد الاقتصادي والعاطفي والاجتماعي والروحي.
إنشرها