Author

الاستثمارات العامة .. رافد اقتصادي محوري

|
الخطوة الجديدة على صعيد دعم صندوق الاستثمارات العامة في المملكة، تصب تماما في النطاق العام لـ "رؤية المملكة 2030"، وبرنامج التحول الوطني المصاحب لها. وموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على تخصيص 100 مليار ريال لتنويع المحفظة الاستثمارية، توفر قوة دفع أخرى من جانب المقام السامي، الذي يتولى مباشرة الإشراف على كل الخطط الاقتصادية التي تشهدها البلاد، بل حتى تفاصيل هذه الخطط. ومن السمات الرئيسة للرؤية بكل نطاقاتها، تلك المتعلقة بتنويع الاستثمارات ومصادر الدخل وفق أسس جديدة، وبما يخدم الاستراتيجية الشاملة للسعودية في عملية البناء الاقتصادي. ليست هناك حدود أمام التحرك الاستثماري سواء داخل المملكة أوخارجها، المهم أن يكون أي توجه في هذا الإطار مكملا لعناصر البناء الاقتصادي الوطني. ولأن كل الآفاق مفتوحة أمام الحراك الاقتصادي ـــ الاستثماري السعودي، فإن المليار ريال الجديدة، ستتحرك على الساحات الاستثمارية ذات العوائد الجيدة، وهذا يعني أنها لو وجدت فرصا خارجية ترفع من مستوى العوائد الوطنية، فإن جزءا من المخصصات الجديدة سيذهب إليها، طالما أن هذه الفرص تصب تماما في نهج "الرؤية" الاقتصادي الاستثماري الوطني. ولهذا نجد في الآونة الأخيرة توجهات الاستثمارات الوطنية إلى قطاعات جديدة تماما، مثل السوق الإلكترونية في الشرق الأوسط"، والاستحواذ على حصة من شركة الأغذية "أمريكانا" الكويتية، والشراكة في تأسيس صندوق «رؤية سوفت»، وكذلك في شركة «أوبر» للنقليات الشهيرة، وغيرها من المؤسسات والشركات التي توفر عوائد بالفعل جيدة، بعيدة عن المخاطر والتأثيرات الممكنة من حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. بموافقة خادم الحرمين الشريفين على ضخ المليار ريال في الصندوق الاستثماري رفعت مباشرة أصول هذه الصندوق الهائل إلى 700 مليار ريال، ما يعزز الأطر العامة له، ويكرس وجوده في مقدمة قيمة الصناديق الاستثمارية العالمية الأخرى. فبمجرد إضافة هذه المبلغ الجديد زادت حصة السعودية من الثروات السيادية في العالم إلى 10.6 في المائة. الأمر الذي يزيد بدوره مستوى الثقة ليس فقط بمعدل ووتيرة الاستثمارات السعودية الخارجية والداخلية، بل أيضا بأداء الاقتصاد السعودي في مرحلة التحول الراهنة، ولا سيما أن هذا الأداء يتم في وقت انخفضت فيه العوائد النفطية إلى معدلات كبيرة على مدى عامين. أي أنه رغم انخفاض العوائد، فالمملكة قادرة على بناء الاقتصاد ورفع مستوى الاستثمارات الوطنية. تمضي مسيرة التنمية والبناء قدما في المملكة في كل القطاعات، والاستثمارات تمثل ركيزة رئيسة في رفع مستوى العائد المالي، والأهم في تنويع مصادر الدخل، نظرا لما تمتلكه المملكة حقا من إمكانات أخرى غير تلك المرتبطة بالنفط والطاقة. والتنويع يعني دعما آخر في مسيرة البناء، في وقت يمكن للسعودية أن تستند فيه إلى الثقة التي تتمتع بها من جانب مجتمع الاستثمار والأعمال العالمي، وذلك بعد تأكيدات كل مؤسسات التقييم والتصنيف أن المملكة قادرة على العبور نحو الاستقرار الاقتصادي الجديد الكامل، على الرغم من الأوضاع الاقتصادية العالمية المتأرجحة، وحالة عدم اليقين العالمي السائدة على الساحة الدولية. ومع ارتفاع حجم أصول صندوق الاستثمارات العامة بمعدل 17 في المائة تقريبا، سيكون هناك حراك استثماري قوي متنوع أيضا من حيث القطاعات والساحة الجغرافية. وكل هذا يصب مباشرة في عملية البناء الاقتصادي العامة، التي من المنتظر أن تقدم للأجيال السعودية المقبلة اقتصادا مختلفا تماما يحاكي الاستحقاقات، كما يتعاطى مع المستجدات على أرضية صلبة.
إنشرها