Author

المشكلة في الأسعار وليست الملاءة

|
يقول عقاريون وأحيانا مسؤولون في وزارة الإسكان: إن أسعار المساكن لا يمكن السيطرة عليها أو الحد من ارتفاعها، ويتذرعون بذلك أنها تخضع للسوق الحرة وتتحكم فيها قوى العرض والطلب، ويشيرون دوما إلى أن الطلب في السعودية عال جدا على المساكن ويقابله عرض أقل. بزعمي أن تلك رواية لا تمت للواقع بصلة، وهناك خلط ربما مقصود وربما نتاج جهل، بين الاحتياج للسكن والطلب، فلا يعني "احتياجي للسكن طلبي له"، وما يحدث حاليا في السوق العقارية هو طلب ضعيف جدا ويلامس "الصفر" وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة العدل، والتداولات العقارية تتراجع خلال العامين الماضيين بشكل كبير، وما الأرقام الضعيفة الحالية إلا عملية تدوير تتم على الأراضي فقط. لا شك أن رقم الاحتياج للسكن كبير، ولكن أن يضاف رقم الاحتياج إلى الطلب، فنحن هنا أمام بحث عن "ذريعة" لاستمرار ارتفاع الأسعار، وحجة للجشع الحاصل لدى كثير من العقاريين الباحثين عن الأرباح الخيالية، وهاهم اليوم يجنون ما فعلته أيديهم في السوق العقارية، فالمواطنون أحجموا عن الشراء ومنتجاتهم تعاني كسادا، ولا تجد رواجا بين المستهلكين، ولم يعد أحد يرغب في شرائها بتلك الأسعار الخيالية حتى ممن هم من أصحاب الملاءة العالية. بالأمس اعترفت وزارة الإسكان أن سبب الأزمة الأسعار العالية للمساكن التي تفوق ملاءة المواطنين، وهو أمر جيد لو لم يكن فيه إيحاء بأن الأسعار مقبلة على ارتفاع. تقول وزارة الإسكان في تصريحات صحافية نشرت الأسبوع الجاري: إن مشكلة السكن في السعودية تتمثل في ملاءة المواطن وعدم قدرته على الشراء وفق الأسعار الحالية أو المستقبلية. استوقفتني مفردة "المستقبلية" في تصريح الوزارة، ما المعطيات التي بنت عليها الوزارة توقعاتها المستقبلية ببقاء أسعار المساكن بقيمة تفوق ملاءة المواطن على الرغم من أن كل المؤشرات تقول: إن الأسعار ستنخفض لا محالة في ظل عزوف الجميع وليس الكثير عن شراء المساكن؟ الناس لا يرغبون في الشراء بتلك الأسعار رغم وفرة ما تراه الوزارة تسهيلات كـ"القرض المعجل"، الذي لم يجد رواجا بين المستهلكين. حتى لو ضمنت الوزارة محتاجي السكن عبر القروض، لا يمكن أن تعود حركة الشراء للسوق في وجود تلك الأسعار، فالمواطن أصبح أكثر وعيا، ولن يدفعه للشراء وإنقاذ منتجات العقاريين، أي تخويف أو تحفيز أو حتى تسهيلات.
إنشرها