Author

المرأة السعودية في الإعلام الأمريكي

|
حين نتحدث عن صورة السعودية السلبية في الإعلام الدولي، فنحن نتحدث برأيي عن نسبة لا تقل عن نحو 70 في المائة حول ملف المرأة السعودية. هذه ليست مبالغة، وذلك لكوني متابعة للإعلام الخارجي أكثر من الإعلام المحلي. ما أثار الصخب منذ أيام تحقيق صحافي واستطلاع لصحيفة “نيويورك تايمز” حول المرأة السعودية. وما لفت هذه المرة أنها خاطبت السعوديات باللغة العربية لإجراء الاستطلاع الذي أعدته صحافية عربية. لم تكن المرة الأولى حول الموضوع نفسه، فخلال الشهرين السابقين ــ تحديدا ــ كانت هناك حملة تويترية حول إسقاط ولاية المرأة السعودية، تقوم بها وتعبر فيها سعوديات متضررات من نظام الولاية. وقد غطى هذا التحرك أغلب الصحف والمجلات الكبرى الأمريكية والبريطانية والأوروبية. هل يمكن اعتبارها جزءا من الضغوط السياسية تجاه السعودية؟ قد يكون ذلك، فهو ليس سوى استغلال لقضية، ولا سيما أن صحيفة “نيويورك تايمز” خلال هذا العام بدت صارخة في هجومها ضد المملكة، وهي المقربة من إدارة باراك أوباما وعقيدته السياسية. المؤسف والمهم في آن أن الصحيفة واحدة من أعرق الصحف الأمريكية وأكثرها تأثيرا، وهي التي يطلب ودها النخب من سياسيين وإعلاميين وفنانين وذوي أعمال ونفوذ وصناع قرار ومختلف مؤسسات المجتمع الأمريكي. وقد سبق أن نشرت “نيويورك تايمز” مجموعة مقالات جائرة بحق السعودية، من بينها مقال باسم رئيس التحرير، ومقالات لكتاب إيرانيين ومقالات جائرة أخرى لمحمد جواد ظريف وزير خارجية إيران. ويمكن اعتبار هذه المقالات جزءا من السياسات الأمريكية الأخيرة لإدارة أوباما تجاه السعودية، ومن بينها مقابلته في مجلة “ذا أتلانتك” الأمريكية التي اتهم فيها السعودية بنشر التطرف والإسلام المتشدد “الوهابي”. وهي اقتباس لترويج النخب الإيرانية في الولايات المتحدة، تلك التي تعمل في مراكز الأبحاث والجامعات والمؤسسات الصحافية والمقربة من البيت الأبيض، التي بحسب “معهد كارينيجي” الأمريكي، يبلغ عددها أكثر من ثلاثة ملايين شخص يملكون ثروات تتجاوز مجتمعة 400 مليار دولار. وكثير من الهجوم الممنهج الذي استمر في المرحلة الأخيرة كان للتسويق الإيراني ضد السعودية بدءا من تسويق الاتفاق النووي. لكن، بعيدا عن التحرك الأخير، فقضية المرأة السعودية لم تتوقف إطلاقا في الإعلام الدولي لا الأمريكي والبريطاني ولا الدوريات التي تختص بحقوق الإنسان. والمصادفة التي حدثت الآن أن موضوع الاستطلاع جاء في مرحلة هجوم إعلامي لاذع ومتعمد ضد السعودية، وغالبا لدواع سياسية أو من قبل شركات العلاقات العامة ومراكز البحوث التي تعمل لمصالح معينة. مهاجمة السعودية والبحث عن أوجه القصور وتضخيمها هي الهواية المفضلة الحالية للإعلام الغربي، كما وصف مطلع العام تقرير على “فورين بوليسي”. وأحد أسباب هذا الهجوم الجديد هو أخطاء السياسة الأمريكية في المنطقة دون فهم للواقع والتطورات الإقليمية. ملف المرأة السعودية لم يهدأ على مدى سنوات. فإذا كان 70 في المائة من المجتمع شباب أي نحو 14 مليون سعودي، فنصف هذا العدد سعوديات، نحو سبعة ملايين سعودية متعلمة أو ذات منصب قيادي تخدم وطنها كشريكة في المواطنة. المملكة عضو في كبريات المنظمات الدولية، ولها مكانتها الدولية والإقليمية. ولن تناقش الصحف الكبرى مواضيع داخلية لبلد هامشي. بل لبلد مؤثر يستحوذ على العناوين الفلاشية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. فمن يستغني عن خبر عن السعودية يثير شهية الصحافة؟ لا شك أن التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية واستغلالها سياسيا أمر مرفوض، لكن المعالجات العاطفية لهذا الملف أيضا فائدتها قليلة. وقد قدمت المملكة خطوات جيدة في ذلك، لكننا أمام ملف مهم في مرحلة مختلفة تستدعي ذلك وهو ملف يشكل ثغرة تستغل ضدنا. فهل لنا أن نتخيل لو انتهى ملف حقوق المرأة كيف سيكون شكل الصحافة العالمية ضد المملكة؟
إنشرها