Author

مفاوضات التجارة الخليجية - الأوروبية .. إلى أين؟

|
تظل مفاوضات التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي من أكثر المفاوضات التي استغرقت وقتا طويلا، وبالطبع لم يتم التوصل إلى أي نتائج من خلالها، بسبب الخلافات في أكثر من ناحية. ولا يبدو في الأفق أي أمل قريب في التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي حقا من حيث قوة طرفيه، ومن جهة المدة الزمنية له. ورغم أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت عام 2008، كانت مناسبة لتحريك هذه المفاوضات المتوقفة، إلا أنها حركتها بصورة بسيطة، على أن تعود للجمود مرة أخرى. فلا أحد يتوقع شيئًا على صعيد إقرار اتفاق بين الطرفين، دون تقديم تنازلات واضحة من الجانبين، لاسيما الجانب الأوروبي الذي تمسك بعدة قضايا لا دخل لها في الواقع بالإطار الاقتصادي. كان تركيزه سياسيا - اقتصاديا، وليس اقتصاديا - سياسيا. وفي كل الأحوال، تبقى الفرصة مواتية للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة بين بلدان الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، الذي يواجه حاليا أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد، فضلا عن تعثر الاتفاقات المشابهة بين هذا الاتحاد وكل من كندا والولايات المتحدة. فالعلاقات التجارية بين أوروبا والخليج قوية ومتصاعدة، يضاف إليها الروابط التاريخية التي تجمع الطرفين، فضلا عن التغييرات الاقتصادية الإيجابية على المدى البعيد التي تحدث على الساحة الخليجية. ورغم أن الاتفاقات المشابهة الموجودة حاليا بين دول مجلس التعاون وكل من الصين والهند، تمثل ثقلا مهما في هذا المجال، إلا أن الاتفاق مع أوروبا يشكل زاوية محورية أيضا، خصوصا لتنامي العلاقات التجارية بين الطرفين في السنوات الماضية. فحتى في سنوات توقف المفاوضات، تصاعد الحراك الاقتصادي بين الجانبين، علما بأن هناك رغبة لدى الطرفين في التوصل إلى اتفاق تجاري تاريخي، يأخذ في الاعتبار كل المعطيات، إضافة طبعا إلى الأسس التي تقوم عليها العلاقات الاقتصادية بينهما أصلا. وهذه المعطيات يجب أن تسهم في حلحلة عقدة المفاوضات، إلى جانب أن أوروبا تحتاج اليوم إلى اتفاق مثل هذا بسبب الانسحاب البريطاني، واضطراب المحادثات المشابهة لهذا الاتحاد مع الولايات المتحدة وكندا. هنا كثير من المسارات التي يمكن أن توفر ممرات جيدة لاتفاق جيد لكلا الطرفين. بمعنى آخر، أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى مثل هذا الاتفاق أكثر من احتياج البلدان الخليجية. وهذا ما ظهر في أكثر من دراسة مستقلة حول هذا الموضوع. لقد أعيد استئناف المفاوضات التجارية الخليجية - الأوروبية دون الإعلان الرسمي عنها، وفي الواقع لا يهم مثل هذا الإعلان في هذه المرحلة، المهم إعلان اتفاق واضح، يأخذ في الاعتبار الشروط التي وضعها الجانب الخليجي، علما بأن مصادر من ضمن مجلس التعاون أكدت في غير مناسبة أن أي استئناف للمفاوضات المشار إليها، لن يتم إلا بالشروط الخليجية التي أطلقتها دول المجلس في الجولات السابقة. ومما لا شك فيه، أن العلاقات التجارية بين كل دولة خليجية منفردة والاتحاد الأوروبي، ستسهم في تقريب المواقف، غير أن المعايير الخليجية الموحدة تبقى الأساس لأي مفاوضات. ويبدو واضحا أن هناك حرصا أوروبيا على إتمام الاتفاق، لذلك عمل المسؤولون الأوروبيون طوال السنوات الماضية على تمهيد ما استطاعوا من الطريق لعودة المفاوضات. وربما تحتاج المفاوضات الراهنة إلى فترة طويلة أخرى، لكن من المهم أن تبقى حاضرة إلى أن يتم التوافق بين الطرفين على صيغة منصفة وعملية وواقعية. المهم هنا النتيجة وليس عدد ساعات المفاوضات وطول مدتها.
إنشرها