Author

سهرة مع الضياع (2)

|
حدثتكم في مقالي السابق عن الرسالة التي وصلتني من أم مصدومة من الحال الذي وصل إليه ابنها المراهق الذي اكتشفت فيما بعد أنه مدمن مخدرات ووعدتكم بإكمال رسالتها، وأرجو ممن لم يقرأ المقال السابق أن يعود إليه لتكون الصورة أوضح بالنسبة إليه..! تقول الأم (حدث أمر لم أكن أتوقعه ... ففي ذات ليلة وأنا أمر بجوار غرفة ابني سمعت صوت بكائه بحرقة وكنت وقتها "مخاصمته" ولا أكلمه وكذلك أبوه، لم تطاوعني نفسي أن أتركه وتحرك قلب الأم في داخلي شعرت أن بكاءه يمزقني ويشعرني بقهري عليه دخلت فوجدته قد وضع وسادة على وجهه وهو يحاول أن يكتم صراخه بكل قوته، أبعدت الوسادة وضممته إلى صدري بقوة واحتضنني وكأنه يحتمي بي من شيء يخيفه تماما كما كان يفعل وهو صغير، تركته يبكي إلى أن "صفا" رأسه من البكاء ثم طالعني باستجداء وهو يقول "يمه تكفين اقري علي قرآن أحس إني أبموت"، ضممته إلي بقوة وأنا أمسح على رأسه وأقرأ عليه إلى أن نام بصعوبة، لم أتركه طوال اليوم وجلست معه في غرفته وأخبرته أنه مهما كان الأمر فسنقف معه لكن عليه أن يخبرنا بالمشكلة حتى نفهم ما الذي يجري؟ وبدأ يخبرني بمشكلته التي صدمتني لكن كان لا بد لنا كأبوين أن نقف بجانبه ونتناسى صدمتنا، قال إنه تعرف على شلة فاسدة بالمدرسة يعانون من الشذوذ، نبذهم في البداية لكنهم استطاعوا بوسائلهم أن يجتذبوه إليهم، واستطاعوا أن يقنعوه بتبادل صورهم عبر"قروب" خاص بهم، بعد ذلك بدأوا في عملية ابتزازه بإجباره بالخروج معهم للاستراحة أو إرسال الصور لأهله ولزملائه في المدرسة وفضح أمره، وفي لحظات تخبطه وخوفه، فكر في المخدرات كوسيلة يهرب من خلالها من الضغوط التي يشعر بها، كانت أصعب لحظة حين قال لي "يمه والله العظيم ما سويت اللي هم يبغونه وما سلمتهم نفسي"، كانت هذه الحقيقة مثل المخدر الذي أسهم في اختفاء كثير من آلامي رغم قسوة الأمر برمته! قضينا وقتا مؤلما خلال السنة حتى ساعدناه وساعدنا أنفسنا على تجاوز هذه المحنة، نقلناه من مدرسته لأخرى هو الآن متميز ومحافظ على صلواته من فضل الله تعالى، رسالتي للأمهات والآباء أنصتوا لأبنائكم قبل أن تفقدوهم في سهرات الضياع). وخزة هذه الرسالة هي صرخة صادقة وواقعية لكل الآباء والأمهات أتمنى أن تصل وندرك أن الحوار قد ينقذ. حياة أحد الضائعين!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها