Author

«حزب الله» .. قذارة المال أيضا وأيضا

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثّل بالولي الفقيه الجامع للشرائط" من البيان التأسيسي لـ «حزب الله» لا يكاد يمر شهر أو أقل، حتى يتم ضبط مزيد من عمليات تهريب المخدرات وغسل الأموال التي يقوم بها «حزب الله» على الساحة العالمية. بات "مسلسل" الضبط والكشف روتينيا لهذا الحزب الذي يفتخر بأن يكون تحت قيادة علي خامنئي، وأي مخلوق وصل (وسيصل) إلى موقع هذا الأخير. لا عجب هنا. فإذا كانت إيران نفسها تحتل المركز الأول عالميا في غسل الأموال على اختلاف أقذارها وفق "مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال 2016"، فمن الطبيعي أن تكون عصابة تابعة لها كـ«حزب الله» تكمن في بؤرة عمليات الغسل هذه. والمسألة بسيطة، إذا كان الأصل قذرا، فالفرع (أو الفروع) سيكون قذرا بالضرورة. خصوصا إذا كانت الأموال القذرة تمثل جزءا أصيلا من اقتصاد "وطني"، وتشمل المخدرات وتمويل الإرهاب وتجارة السلاح غير المشروعة، وسرقة الآثار، وتهريب ثروات من بلدان فقيرة ولاسيما في إفريقيا. كل هذه الموبقات المالية تقوم بها إيران وعصاباتها منذ سنوات طويلة. والحق، أن بلدانا كثيرة تقاعست عن فضح أمرها لسنوات طويلة أيضا، ما وفر لها أرضية متينة لجني أموال قذرة من أخرى أقذر منها. لم يعد الكشف عن اتجار «حزب الله» بالمخدرات خبرا. الخبر في الواقع بات محصورا في أسماء المتورطين، ومنهم من جنى أموالا من بلدان تستهدفها إيران بأشكال مختلفة، بما في ذلك بالطبع الأعمال الإرهابية والتحريض، ومحاولات زعزعة التماسك الوطني. وحتى الولايات المتحدة التي تتخذ موقفا أكثر صرامة في الغرب تجاه تمويل «حزب الله» والعصابات المشابهة له، تشهد منذ سنوات نشاطات مالية مشينة لهذا الحزب، وفي مقدمتها بالطبع جني المال عبر تصدير المخدرات إلى قلب أمريكا، وكأن مخدرات بعض دول أمريكا اللاتينية لا تكفي! يقول عضو بارز في لجنة المال في مجلس النواب الأمريكي: إن 30 في المائة من مداخيل «حزب الله» في لبنان، من عائدات تهريب وتصنيع وبيع المخدرات. بينما يؤكد مايكل براون عن قائد عمليات مكافحة المخدرات الأمريكي السابق: "إن مخططات عمليات نقل الأموال التي يقوم بها حزب الله، باتت أكثر تطورا من أي وقت مضى". وقبل أيام، اعتقلت السلطات الأمريكية واحدا من أكبر تجار المخدرات لحساب «حزب الله»، وهو يعيش في كولومبيا، هذا البلد الغني عن التعريف في مسألة المخدرات. وتم الكشف عن أن هذا الشخص المدعو محمد أحمد عمار يدير شبكة مخدرات تمتد إلى هولندا وإسبانيا وبريطانيا وأستراليا وإفريقيا! وهناك آخر تم القبض عليه في فرنسا على صلة بالمذكور. لدى هؤلاء الحق في الوصول إلى حسابات مصرفية خطيرة، نظرا للأرصدة الكبيرة فيها. وتم الكشف عن كل هذه التفاصيل، في حين أن هناك المئات من الممولين لـ «حزب الله» يعيشون في قلب الساحة الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، ناهيك عن بعضهم في عدد من البلدان العربية بما فيها الخليجية. واللافت أن السعودية قامت في الأشهر القليلة الماضية بإيقاف نشاطات بعض هؤلاء، ووضع أسماء بعضهم الآخر على قوائم الإرهاب. واستطاعت بعض الدول العربية الأخرى أن تحقق تقدما لافتا أيضا في هذا المجال، خصوصا في تشديد القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب، وسن تشريعات عقابية على أي جهة أو فرد يكون على صلة (بصرف النظر عن مستواها) مع ممولي الإرهاب. كل هذا جاء في وقت يحتاج فيه العالم (وليس العرب فقط) إلى التخلص ما أمكن من بؤر التمويل المالي المشين لحزب الله والعصابات المساندة له، وفي النهاية الحد من المداخيل المالية الإيرانية القذرة، وهي أموال يعرف العالم الآن أكثر من أي وقت مضى أين تذهب. إنها في سورية لقتل السوريين وفي العراق للسيطرة الكاملة على هذا البلد، ناهيك عن لبنان الذي بات منذ سنوات طويلة رهينة إيرانية، فضلا عن تمويل الحوثيين في اليمن الذين يحاربون الشرعية، والقلاقل التي يثيرها النظام الإيراني في بلدان كالكويت والبحرين، وتمويل مخططات الإرهاب والتحريض في السعودية. إنها أموال قذرة، ولكنها قاتلة أيضا. إنها أموال عصابات تديرها "دولة"، لم تفكر يوما حتى في مصلحة سكانها وأولوياتهم. يؤمن علي خامنئي بأن احتلال بلد كالعراق وتدمير بلد كسورية، وتوريد السلاح للعصابات الحوثية، أهم بكثير من التحرك لإيجاد فرصة عمل لإيراني لم يعمل مطلقا منذ أن وجب عليه أن يعمل. ولأن الأمر كذلك، يسيطر ما يسمى "الحرس الثوري" على ثلث الاقتصاد الوطني للبلاد، ولا يمكن أن تقترب أي جهة إيرانية مسؤولة من هذا "الثلث". وإن حاولت، فمصيرها الهلاك السياسي. وأموال "الثلث" المشار إليه لا تأتي فقط من صفقات نفطية سرية، أو تجارة غير معلنة، بل تشمل المخدرات وغسل الأموال، وكل "الموبقات" المالية الممكنة وغير الممكنة أيضا. بات تصعيد الحرب على أموال «حزب الله» وإيران القذرة، مصلحة دولية الآن. بل إن الانتصار فيها، ليس أقل من انتصار للعالم أجمع.
إنشرها