Author

أمن الخليج .. وصراع القوى

|
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمرا ملكيا يقضي بتعيين ثامر السبهان، وزيرا للشؤون الخليجية، وذلك يحوي عدة مضامين تتعلق بأمن الخليج، ويحوي رسائل موجهة لكل من إيران والعراق، لا شك أن الوحدة الخليجية وأمنها أصبحا أمرا ذا أولوية قصوى في السنوات الأخيرة، ولا سيما مع تصاعد محاولات الهيمنة الإيرانية لكسب توازن القوى لمصالحها، وكذلك زيادة التوترات العسكرية والسياسية. كل ما يحدث في كل من سورية واليمن وتدخلات إيران في العراق، واليمن، وسورية قد ينذر بعدة سيناريوهات، ومنها سيناريو الفوضى، حيث تقوض سلطة الدولة الرسمية وسيادتها في كل الدول المحيطة بالخليج، وبعد ذلك تبرز إيران من خلال تحكمها في الفاعلين اللاحكوميين، حيث تبرز إيران ذاتها في ذلك داخليا عن طريق المؤسسات شبه الحكومية في الداخل الإيراني وتواصلها أيضا مع المنظمات أو الجهات في الدول العربية وغير العربية. يقول سن تزو المنظر الحربي الصيني الشهير، تظاهر أمام عدوك بالضعف، وإذا كان عدوك سريع الغضب حاول دائما استثارته، تحاول إيران بشكل مستمر أن تتظاهر بالضعف والتمويه في أحيان عدة، بينما تعزز قوة تأثيرها ودعمها. تعيش الولايات المتحدة الأمريكية حالة مخاض حالية، بانتظار الانتخابات الرئاسية، وهي بالتأكيد، حال انتخاب رئيس جديد، سيؤثر في مستقبل المنطقة، في وقت أصبحت التوترات العالمية العسكرية في توسع كبير، وأصبحت المؤسسات الدولية ليست ذات منفعة أو تأثير حقيقي، وكذلك القوانين يتم تسييسها في كثير من الأوقات. تقوم روسيا غربا بتحريك عدد من مواقع الصواريخ رغبة منها في بسط هيمنة أكبر باتجاه غرب أوروبا في وقت يتراجع فيه الناتو، نظرا للتراجع الاقتصادي الكبير الذي تعيشه دوله، والرغبة القوية بمزيد من استعراض القوة مع التقهقر الأمريكي، فيما يتعلق بالقوة الصلبة. تلك المواقف العربية المشتتة، تدفع بالاعتبار عددا من الحقائق، في مقدمتها، أن الاعتماد على ما يسمى "دفاع عربيا مشتركا" أصبح ضربا من التمني، وعلى الرغم من حالة الإحباط المجتمعي في بعض الشعوب العربية التي تحولت بعد ذلك للنكتة والطرفة تعبيرا عن رفضها للواقع، فإن ما يجمع الدول العربية كثير على مستوى الشعوب، بيد أن الاجتهادات السياسية، قد لا تتفق بالضرورة مع طموحات المجتمعات، ومن هنا تبرز أهمية الاتحاد الخليجي، وضرورة تفعيل القوى الخليجية المشتركة، سواء في القوة الناعمة أو القوة الثابتة، وذلك الذي يجمع دول الخليج أكثر من غيرها، فالمصير واحد عند وجود خطر يهدد إحدى تلك الدول. وما يجري في المنطقة يدعو للاحتراز والاحتياط الأزموي، دفاعيا وأمنيا وكذلك سياسيا ودبلوماسيا، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة وفي نفس الوقت ضمان الحماية ضد أي أخطار خارجية، ولكي يتم تحقيق ذلك لا بد من الاستثمار الداخلي في الإنسان نفسه، في طريقة حياته والقوانين التي تحكمه، ونوع المعيشة والعمل والإنتاج في التنمية الوطنية وتحقيق الأهداف التي تحقق ازدهاره، وكذلك فهم الديناميكيات الجديدة الحاكمة للأمن الدولي وتعزيز التكتلات والاتحادات السياسية والعسكرية. ويعتبر الربط المؤسساتي الخليجي أمرا مهما جدا للتعلم من التجارب الناجحة في دول الخليج، ويستطيع الجميع التعلم من الجميع ومشاركة المعرفة والخبرات، وما إذا أخذنا الإمارات في الإدارة الداخلية وقطر في مجال الرياضة والكويت والبحرين وعمان في مجالات أخرى وكل هذه الدول الشقيقة كذلك تستطيع أن تكتسب خبرات كثيرة أيضا من المملكة ومن الخبرات المتراكمة، حتى يتم اختصار الوقت في التنمية المتخصصة من جهة، وفي نفس الوقت تحقيق التكامل على المستوى المؤسساتي والأمني والدفاعي. ختاما، نؤكد دور القيم والخيارات القيمية، في فهم الأمن الوطني والإقليمي وكذلك الدولي. وبالله التوفيق
إنشرها