Author

أثر الأبحاث في الاقتصاد الوطني والتنمية

|
تلعب الأبحاث دورا مهما في تطوير العلوم بشتى جوانبها في المجالات الإنسانية والاجتماعية وكذلك العلوم البحتة، وتبرز من هنا أهمية ربط المخرجات الجامعية بالمجتمع المحلي وما يحتاج إليه، حتى تكون تلك الأبحاث مؤثرة ومحركة، تتفاعل مع المجتمع وتسهم في تنميته. إن الجانب التعليمي في الجامعة والأبحاث العلمية ينبغي ألا يقتصر على الدور التنظيري فقط، وهنا لا نقصي التنظير وأهميته، ولكن ينبغي كذلك أن تخصص نسبة للأبحاث المؤثرة في السياسات ودراساتها، وكذلك ربط الجامعات بالمؤسسات الصناعية والقانونية الخاصة بحفظ حقوق الملكية الفكرية. تجدر الإشارة إلى أن الجهات الحكومية بلا استثناء بحاجة إلى تفعيل مراكزها البحثية عبر ما يسمى "الأبحاث والتطوير" ومن هنا، تسهم الجهة، بحسب مجالها وتخصصها، وعملها في رفع خدماتها، أو تعزيز وجودها وخدمتها للمجتمع، ومن هنا تحقق أحد أهم الأهداف وهو راحة المجتمع. كثير من التساؤلات حول مراكز الدراسات والسياسات من الجهات الحكومية، ولعل أبرزها أولا فيما يتعلق بالحاصلين على الشهادات العليا المتميزة، وضرورة دعمهم وسن التشريعات التي تحفزهم، وليس العكس، وعلى الرغم من الأعداد الكبيرة الحاصلة على الشهادات العليا، إلا أنه يجب دائما الوصول إلى صياغة سياسات تحفز الإبداع لا أن تعامل الحاصل على الشهادة كباحث عن الفائدة المالية فقط. ولذا من الضرورة بمكان العمل على سن لوائح للجهات الحكومية، تحفز الحاصلين على الشهادات العليا، وتربط ذلك بمدى التطوير والأبحاث التي تصب في مصلحة الجهاز نفسه وتخدم هدف وجودة وتحقق الأهداف. وعند الحديث عن الأهداف نلاحظ أيضا سياسة أخرى عن دور الجهات الحكومية في "رؤية 2030" وأهمية وجود أبحاث تخص السياسات التي تقرها تلك الجهة وأثرها، فإذا تحدثنا مثلا عن وزارة الشؤون البلدية والقروية والزيادات الضريبية الخاصة بالمحال التجارية، التي قد تتسبب فيما بعد في إقفال المحال الصغيرة، وهيمنة المنشآت الكبرى، التي تضمن عدد سعودة أكبر مثلا، نتساءل عن هدف تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقدرتها على أن تواجه مثل تلك السياسات، وأثر مثل تلك السياسات في الجوانب الاقتصادية الأخرى ودورة رأس المال في المنشآت المتوسطة التي تتميز بتشغيل عدد أكبر من الموظفين وأهميتها لانتعاش الاقتصاد. وعودا على الأبحاث في الجامعات وأثرها في التنمية، هنالك أثر عكسي كذلك يتمثل في دور الاقتصاد والشركات الوطنية في تحفيز مراكز الأبحاث وإنشاء مراكز الأبحاث عبر المسؤولية البيئية والاجتماعية للشركات وكذلك عبر الاستثمار الوقفي، إن المسؤولية كبيرة على الشركات الكبرى في إنشاء أوقاف توجه مباشرة نحو مراكز الأبحاث ولا سيما مراكز الأبحاث التي تشكل أولوية لنا في المملكة وتأتي على رأسها أبحاث الهندسة، والتبريد، والطاقة، وتحلية المياه. ولذا اجتماع عدد من الشركات لإنشاء مركز بحثي يقوم تمويله على الأوقاف سوف يحقق الاستدامة للتطوير ويخدم العمل والمجال المعني، عبر إدارته بطريقة ربحية بالتوجه نحو التصنيع الذي يخدم المجتمع ويلبي احتياجاته. إن كثيرا من المنتجات المستوردة من خارج الوطن، تصنع من مواد أولية نصدرها نحن، ومن هنا نطرح تساؤلين: الأول هل قامت السياسات الوطنية الخاصة بالأبحاث في القطاعات الوطنية بتحفيز مراكز الأبحاث الصناعية بالتعاون مع القطاع الخاص مثلا؟ والتساؤل الثاني: هل المعرفة والتقنية التي وصلت إليها بعض الدول في التصنيع ما زلنا لا نستطيع الحصول عليها؟ لا شك أن السوق السعودية من الأسواق العالية الاستهلاك، لكن المرحلة المقبلة من الاستهلاك قد تشهد نوعا من الإحجام وهنا نتساءل دوما عن البدائل الوطنية الصناعية ولا سيما تلك التي تخدم جهاتنا الحكومية، ولذا ينبغي وضع السياسات لرفع جودة المنتج الوطني وفي الوقت نفسه التأكيد على الجهات الحكومية بالتعاون وتطوير مراكز أبحاثها والربط بينها وبين مراكز الأبحاث في القطاعات المختلفة. وأخيرا ينبغي كذلك الإشارة إلى أن التغيرات الدولية في المجال السياسي والعسكري والاقتصادي تملي علينا بما لا يدع مجالا للشك، أهمية توظيف الأبحاث في تلك المجالات والربط بين مختلف قطاعات الدولة مثل وزارة الخارجية ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع في تكوين مراكز أبحاث مشتركة، تسهم في التحليل ووضع السياسات، علاوة على إنشاء مراكز بحثية أهلية مبنية على الوقف تضمن تحليلات مستقلة، تسهم كذلك في إعطاء وجهات نظر مختلفة، حتى يتمكن صانع القرار من اتخاذ القرار.
إنشرها