Author

إيران .. «بطلة العالم» في غسل الأموال

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"إيران الأعلى على الساحة العالمية في غسل الأموال" مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال 2016 ليس غريبا أن تتصدر إيران بلدان العالم في عمليات غسل الأموال. في هذا البلد تعم الأشياء غير القانونية، بينما يتطلب الأمر "غواصا" للعثور على شيء قانوني واحد فقط. والفساد في إيران ليس محليا فقط، بل له كل الروابط الخارجية. ووفق هذه الصورة الحقيقية لهذا البلد، يبدو طبيعيا أن تكون إيران "بطلة العالم" في غسل الأموال الآتية من كل شيء تقريبا، من الإرهاب، إلى السلاح، والمخدرات، والتهريب، والنفط غير الشرعي، والتجارة بالمواد المحظورة دوليا، وإلى آخر ما يمكن أن يمثل مصدرا لأموال قذرة بحاجة إلى غسل. في الواقع، مول نظام الملالي في طهران، كل عملياته العسكرية التخريبية الخارجية بهذه الأموال، بما في ذلك تلك التي وصلت بالفعل إلى نظام سفاح سورية بشار الأسد، سواء على شكل أموال مباشرة أو أسلحة، أو بصورة مرتزقة. ولهذه الأسباب تتردد غالبية المؤسسات التجارية والاستثمارية الغربية في دخول السوق الإيرانية في أعقاب رفع جانب مهم من العقوبات عن هذا البلد، بعد إقرار الاتفاق النووي المعروف. صحيح أن هناك مؤسسات تتكالب على هذه السوق، لكنها لا تزال دون المستوى المأمول بالنسبة للنظام الإيراني، الذي تباكى رئيسه الفعلي علي خامنئي في كل المناسبات، من أن الاتفاق النووي لم يقدم لإيران منافع تذكر. وهو يقصد هنا المؤسسات الاستثمارية الغربية المترددة، بفعل الخوف من العقوبات الأمريكية عليها إذا ما ارتكب أخطاء أو هفوات أو ثغرات في تعاملاتها الاستثمارية والمالية والتجارية مع طهران. ليس مهما هنا تطمينات الإدارة الأمريكية بأنها لا تستهدف أي شركة في هذا المجال. في الواقع لم تعط واشنطن أي ضمانات في هذا المجال. الذي يزيد الأمور تعقيدا الجانب المتعلق بغسل الأموال، خصوصا بعدما أبقت "مجموعة العمل المالي حول غسل الأموال" على إيران في القائمة السوداء بعمليات غسل الأموال جنبا إلى جنب مع كوريا الشمالية التي تحتل المركز الثاني في هذا النطاق الإجرامي. والسبب، أن النظام الإيراني لم يتخذ أي إجراءات مقنعة للحد من "إنتاج" الأموال المبيضة، في حين ما زال يسمح لمؤسساته المالية بتمرير أموال هائلة عبر النظام المالي، فضلا عن قيام البنك المركزي الإيراني نفسه بتوفير الحماية للمؤسسات المالية في هذا المجال، بل إن هذا المصرف قام أخيرا بتوجيه تهديدات للمصارف الإيرانية التي رفضت التعامل مع حسابات تعود لما يسمى بـ "الحرس الثوري"، امتثالا للعقوبات الدولية على هذه المؤسسة الإرهابية الكبيرة. أي أن المصرف الذي يصدر التشريعات والقوانين يجبر المصارف على خرقها! وموضوع "الحرس الثوري" ليس جديدا، لأن هذا الأخير لا يخضع لأي مؤسسة حكومية وفي مقدمتها الرئاسة نفسها. إنه ببساطة يتبع مباشرة لعلي خامنئي. وقد عرف الرؤساء الإيرانيون كلهم الحدود التي يقفون عندها حيال "حرس الإرهاب". فلا غرابة إذن، أن يكون "الحرس" مسيطرا على أكثر من ثلث الاقتصاد القومي الإيراني، وعلينا أن نتخيل حجم الأعمال غير المشروعة التي يقوم بها وتنتج أموالا هائلة تستخدم في تمويل الإرهاب في البلاد التي ينشط فيها الخراب الإيراني بشكل عام. ورغم مطالبة المؤسسات المعنية بغسل الأموال على الساحة الدولية بضرورة إخضاع هذه المؤسسة للرقابة، إلا أن طهران رفضت كل هذه المطالب، حتى وإن أبقت البلاد كلها في القائمة السوداء لمبيضي الأموال حول العالم. ومن السخرية أن إيران نفسها وضعت شروطا لانضمامها لـ "مجموعة العمل المالي حول غسل الأموال"! فهي تريد تعريفا جديدا للمنظمات الإرهابية، وهذه محاولة مكشوفة طبعا لإخراج المنظمات الإرهابية الكثيرة التابعة لها في إيران وخارجها من دائرة التوصيف الإرهابي. غير أن ذلك بعيد المنال، ليس فقط لأن البلدان النافذة في العالم وضعت هذه المنظمات ضمن دائرة الإرهاب، بل أيضا لأن النشاط التخريبي لها لم يتوقف يوما. وهو مستمر على الساحة هناك وهناك. لا يمكن للنظام الإيراني الانضمام إلى أي مؤسسة ذات شرعية دولية، دون أن يكشف حقائق مرعبة عن النشاطات الإرهابية التي يقوم بتمويلها، كما أنه سيكشف أيضا عن شبكات معقدة تقوم بغسل الأموال لحسابه، سواء تلك المباشرة أو غير المباشرة. فلا غرابة هنا أيضا فيما قاله وزير الاقتصاد الإيراني علي طيب نيا قبل أيام في معرض حديثه عن "مجموعة العمل المالي حول غسل الأموال". ماذا قال؟ "لن نسمح للمؤسسات الدولية بالحصول على معلوماتنا". والأصح كان عليه أن يقول، لن نسمح بالحصول على معلوماتنا، لكيلا يطلع العالم رسميا على حجم الخراب الذي تسببه الجهات التخريبية التي ندعمها ونقوم بتمويلها. إيران لن تخرج من القائمة السوداء للدول الأكثر غسلا للأموال، كما أنها باقية دائما في قائمة البلدان التي لا تدعم الإرهاب فحسب، بل تبتكره وتؤسس له، وتنشره في كل مكان يمكنها الوصول إليه. إن النظام الإيراني لا يستمر إلا بهذه الصورة.
إنشرها